[عطر زهر الآس في حكم شرب الماء دون ثلاث انفاس]
ـ[أبو عبد العظيم]ــــــــ[25 - Jul-2009, صباحاً 12:13]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم أبو عبد العظيم سفيان بن احمد الباتني كان الله له
الحمد لله الذي أوضح للتابعين سبيل الإتباع، وأظلمها للطاغين السالكين سبل الجهل والإبتداع، فهدى من هدى لمأخذ الكتاب والسنة والإجماع، وأضل من خذله إلى غمرات التنطع والإختراع، صلى الله وسلم على النبي المبين للعالم المعالم، التي اهتدى بها كل امي وعالم،
وعلى أله وأصحابه الموصلين شريعته للعوالم، الذابين عنها بالمهند القواضب الصوارم، وعلى التابعين لهم وتابعيهم المنقلين لها من تلك الطواد العواصم، فشيدوا لها أبنية محكمة القواعد فاستنبطوا منها مابه نجاة العالم من الزيغ والطغيان، إلى أن جاء الموعود به من الضلال والخراب آخر الزمان، فارتكب اهل الجهل الترهات وتركوا الطرق الواضحة البرهان، فصيروا زمانهم خيرا من القرون المشهود لها بالخيرية من أفضل عدنان، فسبحان المضل من يشاء والهاديه بالعدل والإمتنان، أما بعد:
فهذا جزء لطيف في بيان حكم شرب الماء دفعة واحدة دون ثلاث انفاس، ذلك ان هذه المسألة من المسائل التي يجهلها الكثير، بل إن البعض ينكر على من شرب دفعة واحدة وكانه اتى بدعا من الفعل والضلال، وسميته: "عطر زهر الآس في حكم شرب الماء دون ثلاث انفاس"،وأسأل الله التوفيق والهداية، وأقول:
مقدمة لا بد منها:
إختلفت الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم في حكم التنفس داخل الإناء وخارجه، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يتنفس في الإناء وفي الشراب إذا شرب،فقد روى البخاري (5305) ومسلم (4223) عن أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفس في الإناء ثلاثا"وفي لفظ عند أحمد 6/ 5339،ومسلم 4699" كان يتنفس في الشراب ثلاثا ويقول إنه أروى وأبرأ وامرأ"
و ثبت عنه صلى الله عليه وسلم غير ذلك، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم النهي عن التنفس في الإناء والشراب والنفخ فيه، فعند البخاري (5307) وغيره انه قال" ذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء وإذا بال أحدكم فلا يمسح ذكره بيمينه وإذا تمسح أحدكم فلا يتمسح بيمينه"،وعند الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي عن ا بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى ان يتنفس في الإناء او ينفخ فيه"،وعند احمد (4/ 321)،والترمذي (4561) وصححه عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النفخ في الشراب فقال رجل القذاة أراه في الإناء؟ فقال: أرقها، فقال إني لا أروى من نفس واحد، قال، فأبن القدح إذا عن فيك"،وغيرها من الروايات.
من اجل ذلك إختلف أهل العلم رحمهم الله في التوفيق بين هذه الروايات ودرء التعارض عنها.
*فذهب بعض أهل العلم إلى تخصيص التنفس في الإناء والنفخ فيه على من لم يستقذر، وعلى من يعلم أنه لا يقذر شيئا مما يأكل منه، كل ذلك مبني على ان العلة في نهيه صلى الله عليه وسلم على التنفس في الإناء والنفخ فيه ألا يخرج من الفم بزاق يستقذره من شرب بعده منه أو تحصل فيه رائحة كريهة تتعلق بالماء أو بالإناء كما ذكر ذلك الشوكاني في "نيل الوطار" (6/ 312)، ولأنه ربما حصل له تغير من النفس إما لكون المتنفس كان متغير الفم بمأكول مثلا، أو لبعد عهده بالسواك والمضمضة، أو لأن النفس يصعد ببخار المعدة، والنفخ في هذه الأحوال كلها أشد من التنفس كما ذكر ذلك ابن حجر في "فتح الباري" (12/ 341)،وغير ذلك مما يصب في هذا المعنى.
قالوا فمن أمن ذلك أو كان مما لا يستقذر فله التنفس في الإناء والنفخ فيه، قال القاضي الوزير المهلب كما في "شرح ابن بطال على البخاري" (9/ 103):": التنفس إنما نهى عنه عليه السلام كما نهى عن النفخ فى الطعام والشراب - والله أعلم - من أجل أنه لا يؤمن أن يقع فيه شىء من ريقه، فيعافه الطاعم له ويستقذر أكله؛ إذ كان التقذر فى باب الطعام والشراب، والتنظف فيه الغالب على طباع أكثر الناس، فنهاه عن ذلك؛ لئلا يفسد الطعام والشراب على من يريد تناوله هذا إذا أكل أو شرب مع غيره، وإذا كان الإنسان يأكل او يشرب وحده أو مع أهله أو مع من يعلم أنه لا يقذر شيئا مما يأكل منه، فلا بأس بالتنفس فى الإناء، كما فعل النبى مع عمر بن أبى سلمة أمره أن يأكل مما يليه، وكان هو عليه السلام، يتتبع الدباء فى الصحفة، علما منه أنه لا يقذر منه شىء
¥