تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[إبطال شبهة المبطلين لظواهر النصوص بدعوى كونها ظنية]

ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[25 - Jul-2009, مساء 11:30]ـ

إبتليت الأمة الإسلامية بمدلسين يدافعون على دعاة الضلالة الذين أغرقوا الناس في الحرام بدعوى عدم وجود نصوص صريحة في التحريم لمجرد وجود إحتمال في الدليل الظاهر و يقول المدافع عنهم لما يقابل بالحجة "أن المجتهد مخالف الدليل الظني لا شيئ عليه" إلا أن الأمر ليس على عمومه فهي عبارة حق أريد بها باطل, لا شك أن العالم إن زل في إجتهاده فخالف الدليل الظني إجتهادا لا شيئ عليه لكن من كان منهجه إبطال كل دليل ظني بدعوى الإحتمال و إباحة الحرام بدعوى التيسير فلا شك أنه ضال مضل وجب التحذير منه لأنه ليس كل إحتمال معتبر و لو إعترضنا على حجية الأدلة لكونها ظنية لأبطلنا اغلب نصوص الشريعة.

قال تعالى مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلا. المائدة 46

قال القرطبي:

يتأولونه على غير تأويله. وذمهم الله تعالى بذلك لأنهم يفعلونه متعمدين. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وإبراهيم النخعي " الكلام ". قال النحاس: و " الكلم " في هذا أولى؛ لأنهم إنما يحرفون كلم النبي صلى الله عليه وسلم، أو ما عندهم في التوراة وليس يحرفون جميع الكلام اهـ

قال الشاطبي في الموافقات:

الاعتراض على الظواهر غير مسموع.

والدليل عليه أن لسان العرب هو المترجم عن مقاصد الشارع، ولسان العرب يعدم فيه النص أو يندر؛ إذ قد تقدم أن النص إنما يكون نصا إذا سلم عن احتمالات عشرة، وهذا نادر أو معدوم، فإذا ورد دليل منصوص وهو بلسان العرب، فالاحتمالات دائرة به، وما فيه احتمالات لا يكون نصا على اصطلاح المتأخرين، فلم يبق إلا الظاهر والمجمل، فالمجمل الشأن فيه طلب المبين أو التوقف، فالظاهر هو المعتمد إذا، فلا يصح الاعتراض عليه؛ لأنه من التعمق، والتكلف.

وأيضا، فلو جاز الاعتراض على المحتملات لم يبق للشريعة دليل يعتمد؛ لورود الاحتمالات وإن ضعفت، والاعتراض المسموع مثله يضعف الدليل، فيؤدي إلى القول بضعف جميع أدلة الشرع أو أكثرها، وليس كذلك باتفاق.

ووجه ثالث: لو اعتبر مجرد الاحتمال في القول لم يكن لإنزال الكتب ولا لإرسال النبي - عليه الصلاة والسلام - بذلك فائدة؛ إذ يلزم ألا تقوم الحجة على الخلق بالأوامر والنواهي والإخبارات؛ إذ ليست في الأكثر نصوصا لا تحتمل غير ما قصد بها، لكن ذلك باطل بالإجماع والمعقول، فما يلزم عنه كذلك.

ووجه رابع: وهو أن مجرد الاحتمال إذا اعتبر أدى إلى انخرام العادات والثقة بها، وفتح باب السفسطة وجحد العلوم، ويبين هذا المعنى في الجملة ما ذكره الغزالي ( http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14847) عن نفسه في كتابه " المنقذ من الضلال "، بل ما ذكره السوفسطائية في جحد العلوم، فبه يتبين لك أن منشأها تطريق الاحتمال في الحقائق العادية، أو العقلية فما بالك بالأمور الوضعية.

ولأجل اعتبار الاحتمال المجرد شدد على أصحاب البقرة إذ تعمقوا في السؤال عما لم يكن لهم إليه حاجة مع ظهور المعنى، وكذلك ما جاء في الحديث في قوله: " أحجنا هذا لعامنا أو للأبد؟ " وأشباه ذلك، بل هو أصل في الميل عن الصراط المستقيم، ألا ترى أن المتبعين لما تشابه من الكتاب إنما اتبعوا فيها مجرد الاحتمال فاعتبروه وقالوا فيه، وقطعوا فيه على الغيب بغير دليل، فذموا بذلك وأمر النبي - عليه الصلاة والسلام - بالحذر منهم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير