تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من الصفات التي تسبب غضب الله]

ـ[محمد جمعة الحلبوسي]ــــــــ[20 - Oct-2009, مساء 09:33]ـ

نقف اليوم مع صفة من الصفات المذمومة والمنتشرة بين الناس، هذه الصفة من الصفات التي تسبب غضب الله تعالى وإعراض الخلق، بل هي دليل على ضعف الإيمان وسوء الأخلاق وتجلب لمن اتصف بها الشقاء ونكد البال وسوء الحال.

هذه الصفة هي (نكران الجميل) وما معنى نكران الجميل؟

تعال لكي نسال أهل الذكر عن معنى نكران الجميل، وإذا بهم يجيبوننا فيقولون: معنى نكران الجميل هو: ألا يعترف الإنسان بلسانهبما يقر به قلبه من المعروف والصنائع الجميلة التي أسديتإليه.

وقد دعا ديننا الحنيف إلى الإقرار بالجميل وتوجيه الشكر لمن أسداه إلينا، حتى تسود العلاقات الطيبة في المجتمع،بل وأمرنا بالدعاء له حتى يعلم أنه قد كافأناه؛ فعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللهِ، فَأعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَ بِاللهِ، فأَعْطُوهُ، وَمَنْ دَعَاكُمْ، فَأَجِيبُوهُ، وَمَنْ صَنَعَ إلَيْكُمْ مَعْرُوفاً فَكَافِئُوهُ، فَإنْ لَمْ تَجِدُوا ما تُكَافِئُونَهُ بِهِ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَد كَافَأْتُمُوهُ)). حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي بأسانيد الصحيحين.

وفي حديث آخر وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته إلى الاعتراف بالجميل وعدم نكرانه؛ فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أُعْطِىَ عَطَاءً فَوَجَدَ فَلْيَجْزِ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُثْنِ بِهِ فَمَنْ أَثْنَى بِهِ فَقَدْ شَكَرَهُ وَمَنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ».رواه أَبُو دَاوُدَ

أما أن يحسن الآخرون إلى أحدنا فلا يجدون إلا نكرانًا فهذا دليل على خِسَّة النفس وحقارتها؛ إذ النفوس الكريمة لا تعرف الجحود ولا النكران، بل إنها على الدوام وفية معترفة لذوي الفضل بالفضل.

أما اللئيم فإنه لا يزيده الإحسان والمعروف إلا تمردًا:

إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمرد

أخي المسلم:

من لم يشكر الناس لم يشكر الله؛ فقد جاء في الحديث: عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر: "مَنْ لَمْ يَشْكُرِ الْقَلِيلَ، لَمْ يَشْكُرِ الْكَثِيرَ، وَمَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ، لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ، وَالتَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ، وَتَرْكُهَا كُفْرٌ، وَالْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ، وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ .. ) رواه احمد في مسنده ج4/ص278 ح18472

واعلم أخي: أن شكر النعمة من أسباب بقائها وزيادتها وإن نكران الجميل سبب العقوبة وزوال النعم.

واسمع إلى هذه القصة التي حدثنا عنها نبينا العظيم والتي يريد ان يخاطبنا من خلالها فيقول يا مسلمون: ان اردتم ان تحافظوا على نعم الله عليكم وزيادتها فادوا شكرها، وان نكرانها هو سبب في اتلافها وزوالها:

عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه -: أنَّه سَمِعَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، يقُولُ: ((إنَّ ثَلاثَةً مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ: أبْرَصَ، وَأَقْرَعَ، وَأَعْمَى، أَرَادَ اللهُ أنْ يَبْتَليَهُمْ فَبَعَثَ إِليْهمْ مَلَكاً، فَأَتَى الأَبْرَصَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: لَوْنٌ حَسنٌ، وَجِلدٌ حَسَنٌ، وَيَذْهبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ؛ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ وَأُعْطِيَ لَوناً حَسنَاً. فَقَالَ: فَأيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليكَ؟ قَالَ: الإِبلُ - أَوْ قالَ: البَقَرُ شكَّ الرَّاوي - فَأُعطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ، فَقَالَ: بَاركَ الله لَكَ فِيهَا.

فَأَتَى الأَقْرَعَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: شَعْرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الَّذِي قَذِرَني النَّاسُ؛ فَمَسَحَهُ فَذَهبَ عَنْهُ وأُعْطِيَ شَعراً حَسَناً. قالَ: فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليْكَ؟ قَالَ: البَقَرُ، فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلاً، وَقالَ: بَارَكَ الله لَكَ فِيهَا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير