حكم خِتان البنات ...
ـ[ناجى]ــــــــ[26 - Oct-2009, مساء 04:35]ـ
قامت صيْحة في هذه الأيام تحرِّم خِتان البنات فهل ما قام به الناس منذ عشرات السنين من ختان بناتهم كان حرامًا؟
الختان بوجه عام عادة قديمة، يقول " هيرودوت " المؤرِّخ الإغريقي: إن الذين زاولوا الخِتان منذ أقدم العصور هم المصريون والآشوريون والكوشيديون والأحباش، أما غيرهم من الشُّعوب فقد عَرَفُوه من المصريين " تاريخ الحضارة المصرية ج 1 ص 533 "، وقد اكتشف " لوريه " في مقبرة الأطباء بسقَّارة رسومًا فيها عمليات جراحية يرجَّح أنها للختان كما يتضح من وضع المريضين الشابين " المرجع السابق ص 533 ـ 535 ".
وكانت البنات تُختن في مصر القديمة كما يقول المؤرخ " سترابو " وقد يكون على الطريقة المتَّبعة في النُّوبة وبلاد السودان التي يسمُّونها: الختان الفِرْعَوْني. كما كانت تُختن عند العرب قبل الإسلام. ومن أشهر من كانت تقوم بذلك " أمُّ أنمار " كما جاء في صحيح البخاري في قتْل حمزة " ج 5 ص 28 ".
والخِتان مطلوب في الإسلام، بدليل حديث مسلم " خمسٌ من الفطرة: الختان والاستحْداد وتقليم الأظافر ونتْف الإبِط وقصِّ الشَّارب " والفطرة هي: الحنيفية ملة إبراهيم ـ عليه السلام ـ والاستحْداد هو حلق العانة. ولكن ما هي درجة الطلب، هل هي الوجوب أو الندب؟ ملخص أقوال الفقهاء في ذلك ثلاثة:
الأول: أن الختان سنَّة في حق الرجال والنساء. وذهب إليه مالك في رواية عنه، وأبو حنيفة، ورُوِيَ عنه قوله: واجب وليس بفرض، كما روى عن مالك أنه فرض، وقال به بعض أصحاب الشافعي.
الثاني: أنه واجب في حق الرجال والنساء جميعًا، وهو مذهب الشافعي وكثير من العلماء، كما أنه مُقتضى قول سُحْنون من المالكية. وهو رواية عن الإمام أحمد.
الثالث: أنه واجب في حق الرجال، سنة في حق النساء، وبه قال بعض أصحاب الشافعي، وهو مذهب أحمد، وقيل هو بالنسبة للنساء مَكْرُمة كما عبَّر عنه في حديث ضعيف وأدلة كل قول بسطتها في الجزء الرابع عن رعاية الأولاد ضمن موسوعة " الأسرة تحت رعاية الإسلام " مُستقَاة من نيل الأوطار للشوكاني، والمغني لابن قدامة، والزُّرقاني على المواهب اللدنية. وغيرها من المراجع.
وبعد استعراض الأدلة ومناقشتها تبين أنه ليس هناك دليل صحيح سليم من النقد على وجوب الختان للنساء.
ويقول الشيخ محمود شلتوت في كتابه " الفتاوى ص304 ": إن ختان الأنثى لا فائدة فيه من جهة التخلُّص من الإفرازات كالتي عند الرجل، ولكن قال بعض الأطباء إنَّ ترك " البظر " يُشعل عندها الغريزة الجنسية، وقد تندفع به إلى ما لا ينبغي، ورأى بعضهم أن الختان يُضْعفها جنسيًّا فيحتاج الرَّجل إلى الاستعانة بالمواد المحرَّمة ليستكمل متعته مع المرأة. أهـ.
وأرى أن الختان الذي اعتاده العرب وأقرَّه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالنسبة للمرأة لا بأس به، وكانت هناك وصيَّة بعدم المُبالغة فيه، ونُسبت بطرق ضعيفة إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كقوله لخاتنة النساء: " لا تُنهكي فإن ذلك أحْظى للمرأة وأحبُّ للرجل "، وكلام الأطباء وغيرهم ليس قطعيًّا، فما زالت الكشوف العلمية مفتَّحة الأبواب تتنفس كل يوم عن جديد يُغير نظرتنا إلى القديم.
وفي تقرير أعده الأستاذ الدكتور محمد حسن الحفناوي أستاذ الأمراض الجلدية بطب الأزهر، والأستاذ الدكتور صادق محمد صادق مدرس الأمراض الجلدية بطب الأزهر ـ بعد استعراض الأحاديث النبوية ـ قالا:
إذا نظرنا نظرة علمية للحقائق وجدنا أن عملية الجماع بين الرجل والمرأة لابد أن تبدأ بالدافع الجنسي أو الرغبة " وبالأخص في المرأة " وهذه المرحلة مهمة جدًّا في تحضير الحالة النفسية للمرأة، والتي تساعدها على الأداء الإيجابي مع زوجها.
وبالعَرْض التشريحي للمرأة نجد أن " البظر " يقع في أعلى الفرج، وهو يشبه إلى حد ما العضو الذكري، ولكنه في صورة مصغرة أو منقرضة، ويوجد بالبظر نهايات عصبية تسبب انتصابه عند ملامستها. وتبلغ قوة إحساس تلك النهايات العصبية سبعة أضعاف مثيلاتها في العضو الذَّكَري، كما يوجد بالمرسل في ثلاثة أرباعه العلوية مستقبلات عصبية تسمى " لايت تاتش رسيبتورس " وهى مسئولة أيضًا عن الوصول إلى الحسِّ الجنسي الكامل.
¥