تنبيه السّاجد إلى حكم إدخال الصّبيان إلى المساجد
ـ[أبو حذيفة هشام الجزائري]ــــــــ[03 - Dec-2009, مساء 10:34]ـ
تنبيه السّاجد
إلى حكم إدخال الصّبيان إلى المساجد
إنّ الحمدَ لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا من يهده الله فلا مُضل له ومن يُضلل فلا هَادي له وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له وأشهدُ أن محمّدا عبده ورسوله.
? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ? [آل عمران:102]
? يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَّاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ? [النساء:1].
? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ? [الأحزاب:70،71].
أمَّا بعد: فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ الله وخيرَ الهدى هدى محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرّ الأمورِ محدثاتها وكلَّ بدعةٍ ضلالة.
ثم أما بعد: من المسائل التي غالبا ما يختلف حولها الناس ويكثر بينهم النقاش في كثير من مساجد المسلمين اليوم مسألة جواز إدخال الصبيان إلى المساجد من عدم ذلك، خاصة مع ما يُحدثه كثير من الصبيان من العبث والصراخ داخلها.
ولا شك أن الناس يختلفون فيها تبعا لاختلاف أهل العلم قديما و حديثا، إلا أن الملاحظ كلّما حدث نقاش و تُكلّم في هذه المسألة قلّما تجد من يتكلم فيها بعلم، بل غالب الناس – وهم المانعون طبعا وبعضهم أئمة مساجد – يتكلمون فيها بجهل، دافعهم في ذلك هو صيانةُ المساجد وتنزيهُها والحفاظُ عليها من فوضى و عبثِ الصبيان وربما تنجيسِهم لها.
وقد حاولت في هذه الورقات - مستعينا بالله - أن أجمع ما قاله أهل العلم فيها، ذاكرا أدلة كل فريق مع مناقشتها، ثم الراجح في المسألة، ثم إنني قدمت لهذا البحث بمقدمتين رأيتهما مهمتين، أولاهما حول: حكم الاحتجاج بالحديث الضعيف في الأحكام الشرعية، والثانية حول: وجوب العمل بالحديث إذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وطرح ما خالفه من آراء الناس واجتهاداتهم إذا خالفته.
هذا وليعلم القارئ الكريم أنه ليس لي في هذا البحث سوى الجمع والترتيب، فإن أصبت فمن الله ومن الله وحده، وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان.
المقدمة الأولى
الحديث الضعيف لا يُحتج به في الأحكام ولا تثبت به
الحديث الضعيف لا يُحتج به في الأحكام، ولا تثبت به، وهذا موضع اتفاق بين العلماء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (1/ 250 – 251):
" و لا يجوز أن يُعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة ولا حسنة، ولكن أحمد بن حنبل وغيره من العلماء جوزوا أن يُروى في فضائل الأعمال ما لم يعلم أنه ثابت إذا لم يُعلم أنه كذب، وذلك أن العمل إذا عُلم أنه مشروع بدليل شرعي ورُوي في فضله حديث لا يُعلم أنه كذب جاز أن يكون الثواب حقا، ولم يقل أحد من الأئمة أنه يجوز أن يجعل الشيء واجبا أو مستحبا بحديث ضعيف، ومن قال بهذا فقد خالف الإجماع، وهذا كما أنه لا يجوز أن يحرم شيء إلا بدليل شرعي، لكن إذا عُلم تحريمه ورُوي حديث في وعيد الفاعل له ولم يعلم أنه كذب جاز أن يرويه ". (إهـ نقلا عن " نظم الدرر " لأحمد فريد ص 120 – 121)
وقال النووي رحمه الله:
" وعلى كل حال فإن الأئمة لا يَروُون عن الضعفاء شيئا يحتجون به على انفراده في الأحكام، فإن هذا لا يفعله إمام من أئمة المحدثين، و لا محقق من غيرهم من العلماء، و أما فِعْل كثيرين من الفقهاء أو أكثرهم ذلك _ أي الاحتجاج بالضعيف في الأحكام _ واعتمادهم عليه، فليس بصواب، بل قبيح جدًّا، وذلك لأنه إن كان يعرف ضعفه لم يحل له أم يحتج به، فإنهم متفقون على أنه لا يُحتجّ بالضعيف في الأحكام، وإن كان لا يعرف ضعفه لم يحل له أن يهجم على الاحتجاج به من غير بحث عليه بالتفتيش عنه إن كان عارفا، أو بسؤال أهل العلم به إن لم يكن عارفا والله أعلم ". (إهـ نقلا عن" الحديث النبوي " محمد الصباغ 277 ص)
المقدمة الثانية
¥