تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[نصائح للزوجين للشيخ صلاح البدير]

ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[21 - Mar-2010, مساء 01:59]ـ

[نصائح للزوجين للشيخ صلاح البدير]

خطبة المسجد النبوي في 3 ربيع ثاني 1431 هـ

الخطبة الأولى:

الحمد لله .. الحمد لله الذي لم يزل في قدره عليّا، ولم يك قط له سميّا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله .. صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا.

أما بعد ..

فياأيها المسلمون اتقوا الله وأطيعوه؛ فإن تقواه أفضل مكتسب وطاعته أعلى نسب: يَا أَيُّهَا لَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ آل عمران 102.

أيها المسلمون .. إن الله - تعالى - بلطيف حكمته وما أودعه في إبداع العالم من عجائب قدرته خلق الإنسان مجبولاً إلى السكن والاستقرار، وطبعه في أصل خلقته على الحاجة لذلك والاضطرار، ويسَّر له - برحمته وفضله - زوجاً من نفسه ليسكن إليها ويرتبط بها: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ الروم 21.

أيها المسلمون: الرابطة الزوجية رابطة عظمى صدرت عن رغبةٍ واختيار وانعقدت عن خبرةٍ وسؤال وإيثار، عقدها مأمورٌ به شرعاً مستحسنٌ وضعا وطبعا ..

والأسرة هي اللبنة الأولى لبناء المجتمعات .. وبصلاحها تصلح الأوضاع وبفسادها تفسد الأخلاق والطباع، ركناها وقائداها زوج وزوجة يجمع بينهما ولاءٌ ووفاء، ومودةٌ وصفاء، وتعاطفٌ وتلاطف، ووفاقٌ واتفاق، وآدابٌ وحسن أخلاق تحت سقف واحد في عيشةٍ هنية ومعاشرة مرضية ..

وفي كتاب الله وسنة رسوله محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - من الإصلاح التام والعدل العام ما يؤيد قواعد هذه الرابطة فلا تنفلم ويؤكد عقائدها فلا تنخرم.

أيها المسلمون .. إن سبب كثرة المشكلات وتفاقم الخلافات وظهور المنازعات وشيوع الطلاق والفراق لأسبابٍ تافهة إنما هو التقصير في معرفة الأحكام الشرعية وآداب الحياة الزوجية وما تقتضيه المسئولية الأسرية؛ إذ كيف تكون الأسرة في هناء وصفاء والزوج ذو بذاء وجفاء .. إذا غضب نفط ونفث واكفهر وازمجر، فيه حب الأنا والذات .. خيرُه مقفل وشره مرسل .. كفٌّ يابس ووجه عابس ومعاملةٌ فاسدة وأقوال سافلة تورث كلما لا يندمل وصدعا لا ينشعب، وتُتْرك المرأةُ حسيرةً كسيرة حائرة بين مُرين: طلب تطليقها أو الصبر على تعليقها ..

وإن من الأزواج من إذا أبغض المرأة كدها وهدها وكهرها وظلمها وأكل مالها ومنعها حقها وقطع نفقتها .. وربما أخذ ولدها - وهو تحت حضانتها ورعايتها - وتركها أسيرة الأحزان تعاني كرب الأشجان ..

فأين الإحسان؟ أين الإحسان يا أهل القرآن؟

أيها المسلمون .. وكيف يكون للأسرة هناء وصفاء والزوجة ولَّاجة خراجة ثَرثارة مِهْذارة طعانة لعانة، لا تجيب إلى إنصاف ولا ترضى بعيش كفاف، تئن عند طلبها كسلا وتبارضا ولا ترضى لأمرها معارضاً، مقصرة مفرطة ومسرفة مفرطة كثيرة النوم واللوم، مرهاء ملداء لا كحل ولا حناء، شوهاء فوهاء تبطل الحق بالبكاء، تنسى الفضل وتنكر الجميل وتكثر على ذلك التعليل والتدليل ..

فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أَرأيتَ النار؟ قال: رأيتُ النار .. فإذا أكثرُ أهلهِا النساء يكفُرن، قيل: أيكفُرْنَ بالله؟ قال: يَكفُرْنَ العَشِير ويكْفُرْن الإحسان، لو أحسنتَ إلى إحداهنَّ الدَّهرَ ثمَّ رأتْ منكَ شيئا قالت: ما رأيتُ منكَ خيرًا قطُّ " متفق عليه.

أيها الزوجان الكريمان .. اتقيا الله في حياتكما الزوجية .. بُلَّاها بالحقوق ولا تدمِّراها بالعقوق، وليقم كل واحد منكما بما أوجب الله عليه تجاه رفيق عمره وشريك حياته، واخضعا لنصوص النقل ومنطق العقل قبل أن يستبد بكما الشقاق ويحصل الطلاق والفراق، ويأكل أحدكما من الندم كفيه ويعض على يديه ويقد شعره ويمضغ شفتيه، واحتكما لقول المولى - جل وعلا -: .. وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ .. البقرة 228، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم: " ألا إنَّ لكُمْ مِنْ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير