تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[لو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه .. أهدرناه وبدعناه لقل من يسلم من الأئمة معنا]

ـ[أبو عبد الله عادل السلفي]ــــــــ[22 - Mar-2010, صباحاً 10:42]ـ

من ذا الذي لا يخطئ ..

" لو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه

وتوخّيه لإتباع الحق أهدرناه وبدَّعناه لقلّ من يسلم من الأئمة معنا"

أبو أويس الإدريسي.

من الجهل الفاضح عند بعض من يتكلم في أمور المنهاج بلا مسلك واضح عدم التفريق بين الإثم والخطأ كما هو منهج السلف الصالح.

هذا مع أن الخطأ صفة ملازمة لبني آدم إلا من عصمه الله من الزلل والأباطيل، وهي قاعدة مسَلَّمة وبالدليل، وبالغفلة عنها اعتمد على إذاعة كل قول قيل، والتعويل على التهم ومجرد الأقاويل، فـ " كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون " 1، فإياك والمنهج العليل.

فـ"ليس من شرط أولياء الله المتقين ألا يكونوا مخطئين في بعض الأشياء خطأ مغفوراً لهم، بل ليس من شرطهم ترك الصغائر مطلقاً، بل ليس من شرطهم ترك الكبائر أو الكفر الذي تعقبه توبة"2، بل"كيف يعصم من الخطأ من خلق ظلوماً جهولاً ""ومن ذا الذي لا يخطئ" 4، ولذا فـ "من يبرئ نفسه من الخطأ فهو مجنون" 5.

وعليه قرر أهل العلم عدم تأثيم من أخطأ اجتهادا 6 فمن المعلوم أن كثيرا " مِنْ مُجْتَهِدِي السَّلَفِ وَالْخَلَفِ قَدْ قَالُوا وَفَعَلُوا مَا هُوَ بِدْعَةٌ وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ بِدْعَةٌ إمَّا لِأَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ ظَنُّوهَا صَحِيحَةً وَإِمَّا لِآيَاتِ فَهِمُوا مِنْهَا مَا لَمْ يُرَدْ مِنْهَا وَإِمَّا لِرَأْيٍ رَأَوْهُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ نُصُوصٌ لَمْ تَبْلُغْهُمْ. وَإِذَا اتَّقَى الرَّجُلُ رَبَّهُ مَا اسْتَطَاعَ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ اللَّهَ قَالَ: قَدْ فَعَلْت " 7.

ويتأسف المرء كل الأسف عند رؤية من شم رائحة العلم والتقعيد يعمد في هذا الباب إلى مطلق التقليد، فيبدع هذا بلا استحياء، ويدعي أن ذاك من أهل الأهواء 8 دون ضوابط من حديد.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:" لا ينبغي للعاقل أن يقلد الناس في المدح والذم، ولا سيما تقليد من يمدح بهوى، ويذم بهوى، فكم حال هذا التقليد بين القلوب وبين الهدى، ولم ينج منه إلا من سبقت له من الله الحسنى" 9.

والأقبح في هذا المجال الموافقة فيه إرضاء للمتبوع أو التابع، وصدق من قال:" إرضاء الناس بالمعتقدات وبال في الآخرة " وضلال.

فاعلم يا هذا أن اعتقاد التلازم بين الخطأ والإثم هو مذهب أهل الضلال من المعتزلة ومن وافقهم على دربهم، أما "مذهب أهل السنة والجماعة فلا إثم على من اجتهد وإن أخطأ" 10.

قال شيخ الإسلام: "وأهل الضلال يجعلون الخطأ والإثم متلازمين"11.

وفي موضع آخر قال: "أما الذين يقولون بأن المجتهد المخطئ آثم فهم أتباع بشر المريسي وكثير من المعتزلة البغداديين والقدرية؛ لأن الخطأ والإثم عندهم متلازمة" 12.

والذي عليه أهل التحقيق والنظر الدقيق فيما له علاقة بما نحن فيه ووثيق أنه " من كان من المؤمنين مجتهدا في طلب الحق وأخطأ فإن الله يغفر له خطأه كائنا من كان، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية، هذا الذي عليه أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وجماهير أئمة الإسلام " 13

فالمخطئ المجتهد إذن مأجور غير مأزور عند أهل السنة والحديث، فالعجب ممن يخالفهم في ذلك وهو ينتسب إليهم 14 دون السير على طريقهم السير الحثيث حتى قال العلامة محمد بن إبراهيم رحمه الله في أمثال هؤلاء:" والذين ينتسبون إلى الحديث في هذا الزمن تعدوا الجادة، وتكلموا في الأئمة، ووقعوا في جهل وهوى " 15.

وفي تأصيل الشاطبي رحمه الله لصفات العالم المتحقق بالعلم والعارف بأصوله على صفات الكمال التي كان عليها السلف الصالح يستدرك على هذا الكمال فيقول:" غير أنه لا يشترط السلامة عن الخطأ البتة .... فلا يقدح في كونه عالما، ولا يضر في كونه إماما مقتدى به " 16.

فـ " من جعل كل مجتهد في طاعة أخطأ في بعض الأمور، مذموما معيبا ممقوتا 17، فهو مخطئ ضال مبتدع " 18.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير