تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[المرأة التي شيدت الصرح]

ـ[سارة بنت محمد]ــــــــ[01 - Apr-2010, مساء 06:10]ـ

[المرأة التي شيدت الصرح]

حوار خيالي، بين شابة حديثة الزواج، وامرأة قد ...... شيدت الصرح

"شردت ببصرها طويلا وابتسمت وهي تفكر في إجابة سؤالي الذي طرحته ...

زادني هذا لهفة .... بل ألهب نيران فضولي المستعرة أصلا ..

كأني سألتها عن حياة كاملة .... وكأنها تمر أمام ناظريها بأكملها ...

هزت رأسها وازدادت ابتسامتها اتساعا ثم تحدثت .... فكأن أذنيّ صارتا جهاز تسجيل حساس لكل الأصوات .........

فاسمعوا معي ....

"كنت فتاة متفوقة جدا في دراستي .. جدا .. وكنت أحب العلم وطلبه حبا جما ... أي علم ... والويل كل الويل لأي صفحة مكتوب عليها أي شيء ... مهما كان تافها أو خطأ ... كنت أقرأ بل أنهل المكتوب وأنتقد كل كلمة وأفهم كل إشارة ...

ثم تزوجت وأنا بعد في الجامعة، ورزقت بأول أطفالي وأنا في عامي الأخير وكانت البداية!!

فقد كان حلم حياتي أن أكمل مشوار دراستي وأنال عملا بالجامعة أو على أقل تقدير أستمر في دراساتي العليا ... والكل يتنبأ لمن هي مثلي بالاكتساح والتفوق

لكني خذلت الجميع في العام الأخير نظرا لظروف الحمل والولادة والاهتمام بالطفل ... ثم خذلتهم مرة أخرى بعدم إقبالي على الدراسة العليا .. قلت ساعتها عندما يكبر الصغير .. ويقوى الضعيف نعود فنستكمل فإن كل شيء يمكن تأجيله ولكن التربية لا يمكن تأجيلها ...

دائما ما كانت نفسي تراودني بعد أن رزقت الطفل الثاني أن أعمل، وأكسب مالا من تعبي وجهدي وجدي لأتصدق من مالي، ويكون لي مالا خاصا فلا أشعر أنني عالة على زوجي خاصة أنني كنت دائما عزيزة النفس عزيزة الطلب، ليس من السهل أن أطلب حتى من أبي مالا لأشتري شيئا خاصا واستمر هذا الحال مع زوجي أيضا، وكنت أشعر دائما بالألم والأسف على هذا العلم الذي تحصلت عليه بفضل الله تعالى أن يضيع هباء جلوس البيت لاسيما أن حب العلم لايزال يجري في عروقي مجرى الدم وأن تخصصي العملي هو عين العمل على تحصيل العلوم التي أحبها وأشتهيها ....

ضحكت برقتها المعهودة وأكملت ..

لم تزل نفسي بي حتى دفعتني إلى العمل وشجعني أنه لا يحتاج لخروجي من البيت، ولأن حب العلم في دمي فقد نسيت نفسي وما حولي كما كنت أفعل دوما، فقبل ذلك حين كنت اندمج في القراءة أو الكتابة أو أي شيء متعلق بالعلم كان يصيبني صمم غريب فلا أسمع من حولي ولا أنتبه لهم أبدا، وكان الحال كما هو لم يتغير، فأصابني العمى والصمم عمن حولي ولم أر إلا عملي، 6 أشهر كاملة حتى بكى الجميع كمدا وعلت الأصوات بالبكاء فانتبهت وأفقت من غفلتي ... وجلست أبكي معهم على الأشهر الثمينة التي ضاعت في عمل سوى بيتي وأولادي الأعزاء ...

ثم تاب الله عليّ فتبت إليه ولبثت مليا ......

ثم عادت نفسي من جديد تراودني للعمل وهذه المرة كنت سأعمل كمعلمة في مدرسة للأطفال، وراح الشيطان يزين لي الأمر فأطفالي في نفس المدرسة ليكونوا أمام عيني والصغير منهم "ألقيه "في حضانة من تلكم الحضانات المنتشرة بدعوى أن "يتعلم" الحروف ويتعلم القرآن ويكبر قبل الأوان، وكأني علمي الذي حصلته في حياتي قد آليت على نفسي ألا أعلمه إلا للغرباء وأبناء الغرباء أما أولادي فليس لهم مني نصيب وليتربيهم ويعلمهم الغرباء في الحضانات والمدارس دون رقيب مني ولا متابع!! فخروج يومي كفيل أن يضيع يومي وشهري وعامي أيضا ولا بأس أن يضيع أولادي وبيتي وزوجي وكل شيء في سبيل إثبات الذات وتحسين الامكانيات ومن يضلل الله فما له من هاد، ولكن لله الحمد من قبل ومن بعد عصمني الله من هذا الزلل الأكيد وضياع النفس والبيت بصفة نقص أحمد الله اليوم أنها كانت فيّ ألا وهي الكسل!!

لكن الأمر لم يسلم بعد من الخلل فلم تزل نفسي بي، يومان في الأسبوع في أحد الدور، دعوة وأجر واستغلال العلم، ولم تزل النفس بي حتى عملت معلمة في دار تحفيظ و"ألقيت " الصغار لأمي يومان في الأسبوع لتربيهم عوضا عني، بل ليربيهم كل من أراد أن يربي من أخ وأخت وجار يومان في الأسبوع، وأكمل أنا باقي الأسبوع بالضرب والصراخ فالمسؤولية كبيرة كبيرة والوقت قليل، فيومان قبل النزول أجمع المادة العلمية ويومان أنزل ويومان أستريح ويوم أجلس معهم إن جلست على عجل!! ولكن المسؤولية كانت على أمي الكبيرة عسيرة فاشتكت، بل ضج الجميع

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير