[المؤسسات الدينية داخل المنظومة السنية]
ـ[ذو الفقار أبو عبد الرحمن]ــــــــ[11 - Apr-2010, مساء 03:38]ـ
[المؤسسات الدينية داخل المنظومة السنية]
أية مسؤولية؟ و أية فعالية؟ وهل من مشروع؟
أبو عبد الرحمن ذوالفقار
[email protected]
المؤسسات الدينية بين وظيفة الوعظ ومهمة التنفيذ
في العدد السابق كنا قد تكلمنا عن ضرورة إصلاح المؤسسات التعليمية (1) , لما تعانيه مجتمعاتنا السنية في واقعها من أزمات جراء ضعف مفعول مناهج هذه المؤسسات نتيجة غياب العنصر الديني, وعجز برامجها عن الارتقاء بأبناء مجتمعها إلى مستوى الحياة في حدود إسلام مجتمعهم. وبما أن المؤسسات الدينية والمجالس العلمية في عالمنا الإسلامي, وما لها من رابط العلم والتعلم يجمع بينها وبين المؤسسات التعليمية, وما أنيط بها من مهمة تفعيل الموروث الديني في سائر مكونات المجتمع. يجعل حجم ما عليها من ثقل تبعة استنقاذ الناس يعادل أضعاف مما على المؤسسات التعليمية. إنها مهمة أضخم وتكليف أعظم وواجب أثقل تستلزم من مؤسسات هذه وظيفتها أن تستجمع من الصفات ما تجعل منها مؤسسات مؤهلة لمهمة الإشراف والرقابة والحفاظ على سير الأمة في إطارها السني, وصيانة المجتمع من كل انحراف وشر ومن جميع عوامل الفساد. إنها مؤسسات لها وظيفة ذات دور خاص, مهمتها تقوم على أساس إقامة ثم حراسة شريعة الله في الأرض, وتغليب الحق على الباطل، والمعروف على المنكر، والخير على الشر. مؤسسات لا تحدد وظيفتها دولة ولا شعب ولا مجتمع, وإنما الذي يحدد وظيفتها هو قوله تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وأولئك هم المفلحون} (2). إنها وظيفة ناشئة من صريح الآية عن دعوة العباد وتعليمهم الخير, وأمرهم وتكليفهم بفعله, مع نهيهم وزجرهم عن اقترافه. فهي ليست مؤسسات وعظ وإرشاد وبيان فحسب. إنما هذا الأمر هو شطر منها؛ وليس هو كل الوظيفة. وشطرها الآخر يكمن في قوله تعالى " ويأمرون " "وينهون ", وهذا يستلزم منها تنفيذها لذاك الخير وتفعيلها له في المجتمع. مما يقتضي أن تكون لهذه المؤسسات قوة تمكنها من تحقيق وحماية كل ما هو خير أو معروف, ونفي واجتثاث كل ما هو شر أو منكر, فإنه لا ينفع وعظ بخير لا نفاذ له. فقوله تعالى: {يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} , يفيد أن حقيقة الدعوة قوة في العلم وقوة في التنفيذ.
المؤسسات الدينية بين الإقصاء والتقاعس
من ظن أن المؤسسات الدينية ينحصر دورها - كما يتوهم البعض وقنع به أو كما يريد لها البعض الآخر- في البلاغ والمحراب والمنبر والمسجد وشؤون العبادة, ولا شأن لها بفن ولا اقتصاد ولا سياحة ولا سياسة ولا تشريع ولا سائر دنيا الناس, فقد تَعَلْمَنَ وأخطأ فهم الإسلام. وإن مؤسسات دينية في مجتمعات سنية ليس لها لجان مكونة تكوينا شرعيا أو سلطة رقابية على نسبة مفعول برنامجها السني في التعليم وإنشاء برامجه, ولا لها سلطة رقابية على نسبة مفعول برنامجها السني في الفن من حيث ما يجوز بثه للمشاهد وما لا يجوز, ولا لها سلطة رقابية على إعلام, ولا على ثقافة, ولا سياحة, ولا اقتصاد, ولا يؤخذ رأيها مأخذ الجد في مثل قضايا الحريات؛ حتى بات الفجور والعصيان قضية شخصية!. كما لا يرجع إليها في مسائل حقوق الإنسان, ولا يعرف لها موقف واضح من قضية التطبيع مع الصهاينة, ... , وإذا ما كان هذا هو واقع مؤسساتنا الدينية داخل المنظومة السنية, فمن الطبيعي أن تكون المؤسسات المشاركة بدورها في بناء المجتمع غير منضبطة بضابط الفكر الذي تتبناه البلاد. ومن ثم لا غرابة إذ ذاك أن يكون عندنا قنوات فضائية رسمية خارج تغطية المؤسسات الدينية, تبث برامج تحمل عكس مبادئ وثقافة وقيم مجتمعاتنا؛ أفلام مكسيكية تحطم الفضيلة, وأخرى تركية وصينية تعمل على إشاعة الفاحشة, وأغاني لبنانية كلها حب وعشق وتغزل وغرام, وتبرج وتفسخ وحرام, وصحف تحمل صور نساء عاريات وأجساد مكشوفة, ثم نتساءل عن سر هذه الفوضى الجنسية العارمة وهذا الدنس البهيمي؟!!!
¥