سلسلة الفوائد والنكت: البدعة و أثرها السيّئ في الأمة
ـ[عبدالحي]ــــــــ[14 - Apr-2010, مساء 02:58]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
البدعة و أثرها السيّئ في الأمة للشيخ المبارك سليم بن عيد الهلالي - حفظه الله تعالى -
- البدعة لغة لها معنيان: 1 - الشيء المخترع على غير مثال سابق , و منه قول العزيز الحميد (قل ما كنت بدعا من الرسل) أي ما كنت أول المرسلين فقد أرسل قبلي رسل كثير , و جئت على فترة منهم , و يقال لمن أتى بأمر لم يسبقه إليه أحد: أبْدَع و ابتدَع و تَبَدَّع , أي: أتى ببدعة , و منه قول الله تعالى (و رهبانيّة ابتدعواها) , قال أبو بكر الطرطوشي: أصل هذه الكلمة من الإختراع , و هو الشيء يحدث من غير أصل سبق , و لا مثلا احتذى , و لا أُلف مثله , و هذا الإسم يدخل فيما تخترعه القلوب , و فيما تنطق به الألسنة , و فيما تفعله الجوارح.
2 - التعب و الكلال , يقال: أبْدَعَتِ الإبل , إذا بركت في الطريق من هزال أو داء أو كلال.
إلا أن المعنى الثاني يعود إلى الأول , لأن معنى أبدعت الراحلة: بدأ بها التعب بعد أن لم يكن بها , و قد أشار ابن منظور إلى هذا المعنى , فقال: كأنه جعل انقطاعها عما كانت مستمرة عليه من عادة السير إبداعا , أي: إنشاء أمر خارج عما اعتيد منها , إذن يتبين لنا مما سبق: أن البدعة اسم هيئة من الإبتداع , و هي كل ما أحدث على غير مثال سابق , و هي تطلق على عالم الشر و الخير , و أكثر ما تستعمل عرفا في الذَّمِّ , قال أبو شامة: (و قد غلب لفظ البدعة على الحدث المكروه في الدين مهما أطلق هذا اللفظ , و مثله لفظ المبتدع لا يكاد يستعمل إلا في الذمِّ , و أما من حيث أصل الإشتقاق فإنه يقال ذلك في المدح و الذّمّ). ص 7 إلى ص 9
ـ[عبدالحي]ــــــــ[14 - Apr-2010, مساء 03:01]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- اختلفت كلمات العلماء في تحديد معنى البدعة شرعا , فمنهم من جعلها في مقابل السنة , و منهم من جعلها عامة تشمل كل ما أُحدث بعد عصر الرسول صلى الله عليه و سلم سواء أكان محمودا أم مذموما , و لعل أحسنها و أوضحها و أجمعها و أقومها ما اختاره الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى - قال -: (فالبدعة إذن عبارة عن طريقة في الدين مخترعة , تضاهي الشرعية , يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبّد لله سبحانه).
و معنى تضاهي الشرعية: تشابه الطريقة الشرعية في الصورة الخارجية , و ليس في الحقيقة كذلك , بل هي مضادة لها من أوجه متعددة منها: إلتزام كيفيات و هيئات معينة دون إذن من الشارع بذلك , و منها: إلتزام عبادات معينة لم يوجد لها ذلك التّعيين في الشريعة.
و يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله تعالى: لأن أصل الدخول فيها يحث على الإنقطاع إلى العبادة و الترغيب في ذلك , فكأن المبتدع لم يتبين له أن ما وضعه الشارع فيه من الشعائر كاف , فبالغ و زاد , و كرّر و أعاد , قلت: بهذا الحدّ الجامع خرجت البدع الدنيوية , كالسيارات و البارود و الطائرات , و تصنيف الكتب و أشباه ذلك فكلها وسائل مشروعة. ص 9 و 10
ـ[عبدالحي]ــــــــ[19 - Apr-2010, مساء 09:16]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- أنواع البدع: فهي الحقيقية و الإضافية و التركية:
قال العلامة الشاطبي: البدعة الحقيقية: هي التي لم يدل عليها دليل شرعي , لا من كتاب و لا سنة و لا إجماع و لا استدلال معتبر عند أهل العلم لا في الجملة و لا في التفصيل.
و أما البدعة الإضافية: فهي التي لها شائبتان: 1 - لها من الأدلة متعلق , فلا تكون من تلك الجهة بدعة 2 - ليس لها متعلق , إلا مثل ما للبدعة الحقيقية.
و الفرق بينهما من جهة المعنى: أن الدليل عليها من جهة الأصل قائم , و من جهة الكيفيات أو الأحوال أو التفاصيل لم يقم عليها , مع أنها محتاجة إليه , لأن الغالب وقوعها في التعبدات , لا في العاديات المحضة.
قال الشيخ محمد أحمد العدوي: و هذا القسم - و هو البدعة الإضافية - هو مثار الخلاف بين المتكلمين في السنن و البدع , و له أمثلة كثيرة: مثلا صلاة الرغائب و هي اثنتا عشرة ركعة من ليلة الجمعة الأولى من رجب بكيفية مخصوصة , و قد قال العلماء: إنها بدعة منكرة قبيحة , و كذا صلاة شعبان.
ووجه كونها بدعة إضافية: أنها مشروعة باعتبار و غير مشروعة باعتبار آخر , فأنت إذا نظرت إلى أصل الصلاة , تجدها مشروعة , لحديث رواه الطبراني في الأوسط (الصلاة خير موضوع) " حسن لغيره " , و إذا نظرت إلى ما عرض لها من التزام الوقت المخصوص و الكيفية المخصوصة , تجدها بدعة , فهي مشروعة باعتبار ذاتها , مبتدعة باعتبار ما عرض لها , و قد قال النووي: (صلاة رجب و شعبان بدعتان قبيحتنا مذمومتان).
و من ذلك تَعْلَم أن من ينكر البدع المذكورة , إنما ينكرها بالإعتبار الثاني و هو جهة الإبتداع , هذا و إن صاحب البدعة الإضافية يتقرب إلى الله تعالى بمشروع و غير مشروع كما علمت من المثال الماضي , و التقرب يجب أن يكون بمحض المشروع , فكما يجب أن يكون العمل مشروعا باعتبار ذاته , يجب أن يكون مشروعا باعتبار كيفيته , كما يفيده حديث (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ّ) رواه مسلم.
فالمبتدع بدعة إضافية قد خلط عملا صالحا و آخر سيئا , و هو يرى أن الكل صالح.
و أما التّركيّة: فمن المقرر عند ذوي التحقيق من أهل العلم: أن كل عبادة مزعومة لم يشرعها لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم بقوله , و لم يتقرب هو بها إلى الله تعالى بفعله , فهي مخالفة لسنته , لأن السنة على قسمين: سنة فعلية , و سنة تركيّة , فما تركه صلى الله عليه و سلم من تلك العبادات فمن السنة تركها. ص 11 إلى 17
¥