[إلى متى هذا التقليد؟!]
ـ[صالح بن محمد العمودي]ــــــــ[01 - Aug-2010, صباحاً 08:58]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين َ)، ثم الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين القائل بأبي هو وأمي: ((كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع)) لقد شاهدت بالأمس برنامجا في قناة المجد الفضائية لشيخ جليل ينتقد فيه بالأخذ بالأقوال الشاذة من بعض الأئمة الأعلام، وقد لفت انتباهي ودهشتي واستغرابي لهذا الشيخ الجليل عند سماعي له ولإشاعته لقول مزيف ومكذوب على الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى، وهو التقول عليه بأن الطواف بين الصفا والمروة أربعة عشر شوطا! هكذا وبدون إثبات لصحة ما قال!.
وهذا إن دل فإنما يدل على أثر التقليد الأعمى على أخذ الأقوال أو المسائل دون التأكد من صحت قائلها، والله المستعان.
وكان الأولى لهذا الشيخ الفاضل وفقه الله أن يرجع إلى كتبه، ومن ثمى التأكد من صحة من نُسب إليه، وألا يعتمد على غيره في نقل ما كُتب عنه أو يُقال عليه من الإفتراء والكذب.
والمصيبة تعظم وتزداد عندما يقول أحدهم: أن الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى ذكر في كتابه (زاد المعاد) أن ابن حزم يقول بذلك، وفي هذا من التجني والزور ما فيه.
فلم يقل ابن القيم هذا الإفتراء في زاد المعاد وإنما قال رحمه الله: ((فصل
ومنها: وهم من زعم أنه طاف بين الصفا والمروة أربعة عشر شوطا، وكان ذهابه وإيابه مرة واحدة وقد تقدم بيان بطلانه ((فانظر حفظك الله إلى هذا الإفتراء والكذب على الإمامين رحمهما الله تعالى!.
وأنت أيها القاري وفقك الله إذا رجعت إلى كتب ابن حزم لم ترى هذا القول المكذوب والملفق عليه بهتانا وزورا، فأقرا ما ذكر ذلك رحمه الله تعالى في كتابه المحلى: ((830 مسألة - فإذا قدم المعتمر أو المعتمرة مكة فليدخلا المسجد ولا يبدءا بشئ لا ركعتين ولا غير ذلك قبل القصد إلى الحجر الاسود فيقبلانه، ثم يلقيان البيت على اليسار ولا بد، ثم يطوفان بالبيت من الحجر الاسود إلى أن يرجعا إليه سبع مرات منها ثلاث مرات خببا وهو مشى فيه سرعة، والاربع طوافات البواقى مشيا، ومن شاء أن يخب في الثلاث الطوافات وهى الاشواط من الركن الاسود مارا على الحجر إلى الركن اليماني، ثم يمشى رفقا من اليماني إلى الاسود في كل شوط من الثلاثة فذلك له، وكلما مرا على الحجر الاسود قبلاه وكذلك الركن اليماني أيضا فقط، فإذا تم الطواف المذكور أتيا إلى مقام ابراهيم عليه السلام فصليا هنالك ركعتين وليستا فرضا، ثم خرجا ولا بد إلى الصفا فصعدا عليه.
ثم هبطا فإذا صارا في بطن الوادي أسرع الرجل المشى حتى يخرج عنه ثم يمشى حتى يأتي المروة فيصعد عليها ثم ينحدر كذلك حتى يرجع إلى الصفا ثم يرجع كذلك إلى المروة هكذا حتى يتم سبع مرات)) وقال أيضا رحمه الله تعالى في كتابه الآخر حجة الوداع:
((ثم خرج إلى الصفا والمروة، فقرأ (إن الصفا والمروة من شعائر الله) ((أبدأ بما بدأ الله به))، فطاف بين الصفا والمروة أيضا سبعا راكبا على بعيره، يخب ثلاثا ويمشي أربعا، إذا رقي على الصفا استقبل الكعبة ونظر إلى البيت ووحد الله وكبره، وقال: ((لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده))، ثم يدعو، ثم يفعل على المروة مثل ذلك ((، فأين قصة الأربع عشرة شوطا؟!، ومن العجيب والغريب في نفس الوقت أن هذا القول لم يُنسب إلى ابن حزم من قبل القرون السابقة من العلماء الكبار رحمهم الله تعالى بل نجد هذا القول ظهر في هذه العصور المتأخرة أي في زمن التقليد الأعمى!.
هذا ما أحببت أن أنوه وأوصي به إخواني من طلبة العلم بالتثبت وعدم التسرع في نقل الأقوال حتى يتأكدوا من صحتها، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، والله أعلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[ابوسعيد الذرحاني]ــــــــ[01 - Aug-2010, صباحاً 10:16]ـ
جزاك الله الف خير اخي الكريم على هذا التنبيه ..
فلواجب على الدعاه الى الله وطلاب العلم التثبت ..
ـ[أبو وائل الجزائري]ــــــــ[04 - Aug-2010, صباحاً 02:21]ـ
حسن الظن بالافاضل يقتضي أن يُجعل هذا من باب غلطهم على الائمة والعلماء وليس من باب الكذب والافتراء, وهذا أمر وقع فيه كثير, والخطأ في عزو الاقوال وارد ,ثم جَعْل هذا من التقليد الاعمى فلا يصح هذا التعميم فإن العالم فضلا عن طالب العلم لا يمكنه في كل الاحوال مراجعة كل قول في أصله, بل ترى أهل العلم ينقل بعضهم عن بعض أقوالا معزوة الى قائلين ويكون المنقول عنه مخطئا في نقله فيتسلسل الخطأ, حتى يقيض الله له من يكشفه, ولا يجعلون هذا من باب التقليد الاعمى فضلا عن الكذب و الافتراء.
ولعل منشأ الغلط في عزو هذا القول الى الامام ابن حزم ان ابن القيم عقد فصلا في سعي النبي-صلى الله عليه وسلم-وتحلله في "زاد المعاد" فقال:"وقال ابن حزم:وطاف بين الصفا والمروة أيضا سبعا راكبا على بعيره يخب ثلاثا و يمشي أربعا, وهذا من أوهامه وغلطه-رحمه الله-الى أن قال: ويشبه هذا الغلط, غلط من قال: انه سعى أربع عشرة مرة وكان يحتسب بذهابه و رجوعه مرة واحدة وهذا غلط عليه ... "الى آخر كلامه 304/ 1 طبعة مكتبة الصفا-القاهرة, فلعل من عزا هذا القول الى ابن حزم لم ينتبه الى ان ابن القيم انتقل كلامه من بيان وهم ابن حزم الى ذكر من أشبهه في وهمه فنشأ الغلط والله المستعان.
والكلام الذي نقله الاخ عن ابن القيم موجود بعد هذا الموضع في صفحة 325.
وأما أنت أخي فاحمد الله تعالى ان يسر لك الوقوف-بفضله- على هذا الغلط وعليك بالرفق فإنه ما كان في شيئ إلا زانه وفقني الله و إياك.
¥