[فصل في أن من قدح في الناس بلا مسوغ ولا تثبت فسيذهب الله ذكره]
ـ[ابن مفلح]ــــــــ[18 - Jul-2007, صباحاً 09:05]ـ
هذا كلام نفيس وقفت عليه في الآداب الشرعية للعلامة ابن مفلح يبين لك مغبة الوقوع في أعراض الناس وجرحهم بلا بينة ولا مسوغ شرعي وبه تعرف سبب طي ذكر كثير ممن حصل علما وكان ملء السمع والبصر يوما ما فاستزله الشيطان وأغراه بالوقوع في أعراض من لحومهم مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة وهاهو وأصحابه قد جعلهم الله أحاديث ومزقهم كل ممزق نسأل الله السلامة والعافية.
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية 2/ 140:
وقال أبو الحارث:سمعت أبا عبد الله غير مرة يقول:
ما تكلم أحد في الناس إلا سقط وذهب حديثه،قد كان بالبصرة رجل يقال له الأفطس كان يروي عن الأعمش والناس وكانت له مجالس وكان صحيح الحديث إلا أنه كان لا يسلم على لسانه أحد فذهب حديثه وذكره.
وقال في رواية الأثرم _وذكر الأفطس واسمه عبد الله بن سلمة_ قال: إنما سقط بلسانه فليس نسمع أحدا يذكره.
وتكلم يحيى بن معين في أبي بدر فدعا عليه قال أحمد:فأراه استجيب له.
والمراد بذلك والله أعلم عدم التثبت والغيبة بغير حق.
وقال أبو زرعة:عبد الله بن سلمة الأفطس كان عندي صدوقا لكنه كان يتكلم في عبدالواحد بن زياد ويحيى القطان،وذكر له يونس بن أبي إسحاق فقال: لاينتهي يونس حتى يقول:سمعت البراء.
قال أبو زرعة: فانظر كيف يرد أمره؟!
قال أبو زرعة: كل من لم يتكلم في هذا الشأن على الديانة فإنما يعطب نفسه،وكان الثورى ومالك يتكلمون في الناس على الديانة فينفذ قولهم وكل من يتكلم فيهم على غير الديانة يرجع الأمر عليه. اهـ
ـ[محب الموحدين]ــــــــ[18 - Jul-2007, صباحاً 10:55]ـ
الله المستعان ..
جزاك الله خير الجزاء على هذا النقل ..
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[18 - Jul-2007, مساء 01:34]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
واقعة تشهد لما ذكر:
قال الإمام الموفق ابن قدامة المقدسي: .. كنت أتخيل في الناصح [ابن الحنبلي]: أن يكون إماماً بارعاً، وأفرح به للمذهب؛ لما فضّله اللّه به من شرف بيته، وإعراق نسبه في الإِمامة، وما آتاه الله تعالى من بسط اللسان، وجراءة الجنان، وحدة الخاطر، وسرعة الجواب، وكثر الصواب، وظننت أنه يكون في الفتوى مبرزاً على أبيه وغيره، إلى أن رأيت له فتاوى غيرُه فيها أَسَّدُ جواباً، وأكثر صواباً، وظننت أنه ابتلي بذلك لمحبته تخطئة الناس، واتباعه عيوبهم، ولا يبعد أن يعاقِبَ الله العبد بجنس ذنبه ـ إلى أن قال: ـ والناصح قد شغل كثيراً من زمانه بالرد على الناس في تصانيفهم، وكشف ما استتر من خطاياهم، ومحبة بيان سقطاتهم، ولا يبلغ العبد حقيقة الإِيمان حتى يحبَ للناس ما يحبُ لنفسه، أفتراه يحب لنفسه بعد موته من ينتصب لكشف سقطاته، وعَيبِ تصانيفه، وإظهار أخطائه، وكما لا يحب ذلك لنفسه = ينبغي أن لا يحبه لغيره، سيما للأئمة المتقدمين، والعلماء المبرزين، وقد أرانا الله تعالى آية في ذهابه عن الصواب في أشياء تظهر لمن هو دونه .. ذيل طبقات الحنابلة 3/ 430.
ـ[ابن المنير]ــــــــ[18 - Jul-2007, مساء 08:12]ـ
الأخ ابن مفلح، كلام جميل، جزاك الله خيرا
الأخ عبد الرحمن، شاهد جيد
ويبقى التأصيل والتفصيل صنعة أهل العلم والإنصاف ...
ـ[ابن المنير]ــــــــ[18 - Jul-2007, مساء 11:20]ـ
[تمهيد]
أولا أنا أثق في نقولات الأخ عبدالرحمن السديس، لأني أعتبره من طلبة العلم الفاهمين، لكن مبدأ مراجعة مصادر الناقل من مباديء البحث العلمي، وهو من بابة (ولكن ليطمئن قلبي)، ومراجعة مصادر الناقل مبدأ = سواء استشكلت نقله أم لم أستشكله، وعند الاستشكال، فالمراجعة آكد وألزم ... وراجع في هذا مدرسة ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى ...
[الحاصل]
لما راجعت ترجمة (الناصح = ناصح الدين) من ذيل الطبقات، رأيت أن كلام الموفق في الناصح من كلام الأقران الذي يطوى ولا يروى ...
أنظر ماذا يقول ابن رجب: (وقد وقع مرات بين الناصح والشيخ الموفق اختلاف في فتوى في السماع المحدَث ...
أجاب فيها الشيخ الموفق بإنكاره، فكتب الناصح بعده ما مضمونه ...
فلما عاد جوابه إلى الشيخ الموفق: كتب في ظهرها بخطه ما مضمونه "كنت أتخيّل في الناصح: أن يكون إماما بارعا ... (إلى أن قال) وقد أرانا الله تعالى آية في ذهابه عن الصواب في أشياء تظهر لمن هو دونه.
فمن ذلك: في فتياه هذه خطأ من وجوه كثيرة ... ).
وتأمل ماذا يقول ابن رجب: (وانتهت إليه (إلى الناصح) رئاسة المذهب بعد الشيخ موفق الدين، وكان يساميه في حياته.
قال ناصح الدين: وكنت قدمت من إربل سنة وفاة الشيخ الموفق، فقال لي: قد سررت بقدومك، مخافة أن أموت وأنت غائب، فيقع وَهَن في المذهب، وخُلْفٌ بين أصحابنا).
إذا هناك (نوع) منافسة، ومدافعة ...
وإذا كان ذلك كذلك، فإني لا أستطيع أن أقبل من الموفق رحمه الله كلامه في الناصح ...
ثم تأمل قول الموفق: (ظننت)
هذا وقد أثنى أهل العلم على (الناصح = ناصح الدين) بالفقه، وأنه جيّد الإيراد، شهما مهيبا، صارما، واعظا، متواضعا، متفنّنا، له تصانيف، وأنه قد حصل له القبول التام، وله من الفضل والأدب وحسن الأخلاق ... ، وكان رئيس المذهب في زمانه بدمشق ...
والله أعلم وأحكم.
¥