تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[زنة التحشية ...]

ـ[ابن رجب]ــــــــ[19 - Jul-2007, مساء 10:12]ـ

توقيعات

زِنةُ التَّحْشِيَة

عبد الله العُتَيِّق 4/ 7/1428

18/ 07/2007

لا يزال اللاحقُ مِن ذوي المعارفِ يَستدرِكُ على السابق، فيُتَمِّم كلامَه، أو يُقيّده، أو يُخصِّصه، أو يُبِيّنُه، إلى غير ذلك، فكانَ أن وُضِعَ الاصطلاحُ في الاستدراكِ و التَّتَبُّعِ على هيئة بناءٍ هرَمي؛ رأسه (المتن)، يليه (الشرْح)، تعقبُه (الحاشية)، و يُختَم بـ: (التقرير)، و قد يكون ثَمَّ تجاوُزٌ فيهِ، إذْ لا مُشَاحَّةَ في الاصطلاحِ.

و (التحشيةُ) ثالثةٌ في الترتيبِ، و هي مكمَنٌ لدقيق التحقيق، و مخزَنٌ لفهمِ الوهم، فلا يكادُ يجرؤُ عليها إلاّ النَّبَغَةُ ممن نال التمكينَ في العلوم و المعارف، فشحَّ الزمان بِهم فلمْ يَجُدْ إلاّ بقِلَّةٍ، و الكرام قليلُ، و اليومَ طرَقَ بابها من غيرِ بابها مَن جمعَ بين حرفين، و ضبط حركتين، و لمَّ مُتضادَّيْن، و كثيرٌ ما هُمْ.

و الأصلُ فيها كينونتها في ذات الفَنِّ المطروقة فيه، و بتحقيقِ و تكميلِ ما لا بُدَّ منه، و ما خرجَ فلا يُحمدُ عند أهل المعارفِ.

نُوِّعَت (التحشيةُ) إلى أنواعٍ:

أوّلها: تأصيليٌّ، و هو ما كان مِن موضوعِ الكتابِ أو الفنِّ أصالةً، تكميلاً لنقصٍ، و استدراكاً لِفَوْتٍ، مما به يكتملُ التحقيقُ للمطروقِ فيه، مِن ذلك حواشي القُدامى، و عليها عَقْدُ الحَمْدِ و الثناءِ عند أهل المعرفةِ، لجودتها و قيمتها، و ما فيها من منثورِ النُّكَتِ.

ثانيها: تَكميليٌ، يُقَيِّدُ المُحَشِّي فيها ما يقتنصه من لطيف المُنتخباتِ المعرفية، و دقيق الأبحاثِ العلمية، مما يُستَلْطَفُ ذكرها، من باب: الشيءُ بالشيءِ يُذكرُ.

ثالثها: حَشَويٌ، تنتظمُ تحتَ قالةِ: "مَن قرأ الحواشي ما حَوَى شَيْ"، و أصِفُ هذا النوعَ بـ "الحواشي لواشي" و اللَّشُّ: الطَّرْدُ _ كما في "القاموس" _، و هذه ظاهرةُ الجيلِ الكُتُبِي في عالمِ التحقيقِ _ لا التأليف _، فقد غَدَتْ (التحشيةُ) صناعةً _ لا فنّاً تأليفيّاً_، ستُقامُ لها أصولٌ هزيلةٌ و قواعدُ مُهْتَرِئَةٌ، ليسهُلَ الولوجُ لكلِّ لَجوجٍ، و تفنَّنَ أهلُ النوعِ الحَشَوي في (التحشيةِ) فكانتْ الفنونُ الحشويّة:

أولاً: فَنُّ الفُروق النُّسَخِيَّة؛ إذْ يَعْمَدُ كثيرٌ إلى تقييدِ ما يقفُ عليهِ مِن فُرُوقٍ بين النُّسَخِ للكتابِ الواحد، فيقيمُ سطراً لحرْفٍ، جادةَ المستشرقين في النسخِ و الإظهار، يكتبُ: في نُسخةٍ (وَ) بدلَ (فـ)، و في نسخةٍ: صلى الله عليه و سلم، و في أخرى: عليه السلام. و غالبُ الفروق لا تلوي على شيءٍ، و هذه صنعةُ مَن لا يُدرك إلاّ رَسْم الحرفِ فيُحسن الوَقْفَ، وَ عجبٌ أنَّ مُتَّخِذَ هذا الفنِّ محمودٌ، و موصوفٌ بالدِّقَةِ، و كم دِقَّةٍ أورثَتْ دَقَّةً، و أهل النوعين السابقين يلْحقهما ذمٌ جَمٌّ.

ثانياً: فَنُّ السَّرْد المَرْجعي، عِند العَزوِ _ لما في المتنِ _ في الحاشيةِ يَروقُ لبعضٍ أن يأتي بجرِّ عَزْوِ المَرْجِعِ، فيسرُدَ: الاسمَ، و المؤلفَ، و لقبَه، و مولدَه و وفاتَه، و المحقِّقَ، و الجزءَ، و الصفحةَ، و الناشرَ، و تاريخَ النشرِ، و رقمَ الطبعةِ، و بلدَ الناشرِ. يهونُ الأمرُ إن كان المرجعُ واحداً، لكن إن كان أكثرَ من مرجعٍ، و ليتَ الاقتصارَ على جرِّ العزوِ أولَ الأمرِ فحسب، بل عند كلِّ ذكرٍ للمرجعِ، على أن الاقتصارَ على: الاسم، و الجزءِ، و الصفحةِ، كافٍ، و لكنَّها آفةٌ أكاديميةٌ، الصبرُ عليها ضرورةٌ على ضررٍ.

هذا الفنُّ مُملٌّ لما فيهِ مِن طولٍ مَهولٍ، و ضخامةٍ مُسْئمةٍ.

ثالثاً: الفنُّ التسويقي، يَتخذُ البعضُ (التحشيةَ) محلاً تطبيقياً لفنِّ التسويقِ، فيُنَزِّلُ نظرياتِها ليُحْسِن الفنَّ، يذكرُ كثيرٌ كثيراً مِن: لنا، كتبنا، حققنا، لن تجده في غير كتابنا.

و من التسويقِ تهميشُ الغيرِ _ بأدبٍ في التسويق _ فيُسطِّرُ: لديه أخطاءٌ كُثُرٌ، صحَّفَ و حرَّفَ، له وهمٌ و خلْطٌ، ليس من أهل الفنِّ ... .

انتقلتُ مِن فنِّ (التحشيةِ) الأصيلةِ إلى صناعةِ (التحشية) الدخيلةِ دون إشارةٍ، أدْعى لِلَفْتِ القلبِ، و صرفِ النظرِ، و بين الفنِّ و الصناعةِ فرْقٌ يلمعُ كبرْقٍ.

منقول:

http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_*******.cfm?id=2 1&catid=36&artid=9713

ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[09 - Sep-2007, مساء 08:41]ـ

مقال رائع

ـ[ابن رشد]ــــــــ[09 - Sep-2007, مساء 08:55]ـ

مافهمت شي!!!

ـ[ابن رجب]ــــــــ[10 - Sep-2007, صباحاً 10:01]ـ

مقال رائع

رفع الله قدرك شيخ عبدالله

ـ[ابن رجب]ــــــــ[10 - Sep-2007, صباحاً 10:02]ـ

مافهمت شي!!!

بارك الله فيك يا ابن رشد.

وهذا من العجائب إبن رشيد لايفهم ((إبتسامة))

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير