[سماع الموتى و صلاة الصالحين في قبورهم]
ـ[عماد البيه]ــــــــ[05 - Oct-2010, مساء 06:25]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , اللهم صلى على محمد و آله و أصحابه و تابعيه بإحسان إلى يوم الدين.
قال الله سبحانه وتعالى: "وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" - (المؤمنون: 100)
قال مجاهد: البرزخ الحاجز بين الموت والرجوع إلى الدنيا، وعنه قال: هو ما بين الموت
إلى البعث. قال الحسن: هي هذه القبور التي بينكم وبين الآخرة , وقال عطاء الخرساني:
البرزخ مدة ما بين الدنيا والآخرة.
ما وددت أن أتناوله في هذا البحث أساسا هي نقاط محددة كانت مسار جدل بين بعض الشيوخ و الأئمة ما بين من يثبت و من ينفي كلا بأدلته ألا و هي:
سماع الأموات للأحياء و مدى صحة صلاة المؤمن الصالح في القبر بجسده.
و بالرغم من أن هذا الموضوع لا يبدوا أنه ذو تأثير مباشر على عمل الإنسان إلا أن الدافع وراءه و العائد الأساسى منه هو فك التعارض الظاهري بين بعض النصوص و توضيح المقصود منها حتى تكون الصورة واضحة لا لبس فيها إن شاء الله تعالى.
المبحث الأول: سماع الموتى
هل الموتى يسمعون الأحياء؟ و إن كان كذلك فهل عن قرب أم عن بعد أيضا؟
و هنا سأذكر ما هو الصواب في هذا كما توصلت إليه بفضل الله تعالى و أسوق الأدلة على ذلك ثم الرد على أدلة الفريق الذى ينفي. فالصواب كما سيتضح هو أن:
الموتى يسمعون الأحياء و هذا السماع يكون عن قرب أى في النطاق الذي كان الميت يسمع منه و هو على قيد الحياة.
الأدلة:
1 - الحديث الذي ورد في الصحيحين عن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
"العبد إذا وضع في قبره وتولي وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه وسلم فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا من الجنة قال النبي صلى الله عليه وسلم فيراهما جميعا"
فهو قول صريح صحيح أن الميت يسمع قرع نعال من يتولوا عنه
و قد صنف البخاري بابا مستقلا في كتاب الجنائز بعنوان "باب الميت يسمع خفق النعال" الذي أورد فيه هذا الحديث.
ففي هذا الحديث دلالة واضحة أن الميت يسمع الأحياء و فيه دلالة أخرى و هي أنه يسمع عن قرب إذ لو كان الميت يمكن أن يسمع من هو بعيد جدا عنه أو في بلد آخر لما كانت هناك فائدة في ذكر و تخصيص قرع نعال أصحابه الذين يتولوا عنه لأنه لو كان كذلك لكان الميت يسمع قرع نعال كل الناس فالتخصيص هنا يفيد أنه يسمع فقط في النطاق الذي حوله.
2 - الحديث الذي ورد في الصحيحين و مسند أحمد و سنن النسائي و اللفظ لمسلم عن أنس بن مالك - و رواه البخاري عنه عن أبي طلحة و عن بن عمر - "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر ثلاثا ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم فقال يا أبا جهل بن هشام يا أمية بن خلف يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا فسمع عمر قول النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف يسمعوا وأنى يجيبوا وقد جيفوا قال والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا"
فيه دلالة مرة أخرى على سماع الموتى للأحياء
كما أن فيه أيضا دلالة على أن الميت يسمع في المحيط الذي حوله إذ لو كان غير ذلك لخاطبهم النبي صلى الله عليه و سلم من مكانه أيا كان و لم يكن هناك ضرورة أن يقف عندهم كما جاء في الحديث "أتاهم فقام عليهم"
3 - حديث السلام على أهل القبور فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال
"السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون" - رواه الجماعة إلا البخاري و الترمذى و كذا مالك في الموطأ و ابن خزيمة في صحيحه
فيه دلالة أخرى على سماع الأموات للأحياء عن قرب لأن النبي صلى الله عليه و سلم هنا يناديهم مباشرة بكاف الخطاب "السلام عليكم" و لو لم يكن يسمعون لما كانت هناك فائدة في توجيه الخطاب لهم.
4 - قال أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبى الدنيا في كتاب القبور باب معرفة الموتى بزيارة الأحياء
¥