تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[نيل المرام من فضائل بيت الله الحرام. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله تعالى.]

ـ[أسامة خضر]ــــــــ[15 - Oct-2010, مساء 02:56]ـ

نيل المرام في فضائل بيت الله الحرام

الحمد لله

نتنسم في هذه الأيام، عبق الاستعداد لحج لبيت الله الحرام، وشدِّ الرحال إلى المسجد الحرام، فما هي إلا أيام؛ وينطلق فيها وفد الله إلى بيت الله، متوكلين على الله، تاركين الأهل والأوطان، يحدوهم الإخلاص والإيمان، مستجيبين لنداء خليل الرحمن الذي نادى قبل آلاف الأعوام، فأسمع من في الأصلاب والأرحام، قال سبحانه {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} (الحج: 27) قال ابن حجر: [روى الفاكهي بإسناد صحيح من طريق مجاهد، عن بن عباس قال: (قام إبراهيم على الحجر، فقال: "يا أيها الناس! كُتبَ عليكم الحجَّ" فأَسْمَع مَن في أصلابِ الرجال وأرحام النساء، فأجابه من آمن، ومن كان سبقَ في علم الله أنه يحج إلى يوم القيامة: لبيك اللهم لبيك). فتح الباري (6/ 406).

أنه مكة إنهه بَكّة، بكة؛ لأنها تبكّ أعناق الجبابرة، فلم يقصدها جبار بسوء إلا قصمه الله تعالى.

[وقد ذكروا لمكة أسماء كثيرة: مكة، وبكة، والبيتَ العتيق، والبيتَ الحرام، والبلدَ الأمين، والمأمون، وأُمَّ رُحْم، وأمَّ القُّرَى، وصلاحَ، والعرْشَ على وزن بدر، والقادس؛ لأنها تطهر من الذنوب، والمقدسة، والناسّة: بالنون، وبالباء أيضا، والحاطمة، والنسَّاسة والرأس، وكُوثى، والبلدة، والبَنِيَّة، والكعبة]. تفسير ابن كثير (2/ 78).

إنه بيت الله الحرام، ولِمَ الحجُّ إلى بيت الله الحرام؟ ولم زيارته وقصده بالحج والعمرة؟ وتخصيصه بالقبلة؟

والجواب: أولا: طاعةً لله عز وجل، الذي أمر بذلك فقال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} (آل عمران: 97).

ثانيا: طاعةً لرسول الله القائل: "يا أيها الناس إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا"مسلم (1337).

ثالثا: الحجُّ إلى بيت الله الحرام هو الركن الخامس من أركان الإسلام.

إن بلد الله الحرام قد تميّز عن غيره من البلدان، وفاق غيره من الأراضي والعمران؛ لا بخصوبة تربته، ولا بهوائه العليل، أو كثرة حدائقه وأشجاره، أو لانتشار زروعه أو لجريان أنهاره، فهذه ونحوها معدومة في هذا البلد الأمين، بنص القرآن المبين، فقد قال إبراهيم الخليل عليه السلام: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} (إبراهيم: 37).

بلدُ الله الحرام؛ جوُّه شديد الحرارة، وأرضُه صحراءُ قاحلة، الجبال والوهادُ والوديانُ فيه أكثر من السهول، وإذا نزلت بركات الأمطار من السماء؛ كثرت الفيضانات والسيول.

إذن؛ لم يُفضَّلْ بيت الله الحرام بالترفيه عن النفوس بالمتع الدنيوية، أو الشهوات الشخصية.

لقد تميز بلد الله الحرام عن غيره من البقاع، والأماكن والأصقاع، بهبات ربانية، ومنحٍ إلهية، وخُصَّ بفضائلَ لا توجد لغيره، منها:

أن فيه أول بيت وضع للعبادة، قال سبحانه: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} (آل عمران: 96).

وهو أول مسجد بُني في الأرض لله، إن أَبَا ذَرٍّ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلاً؟) قَالَ: «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ». قُلْتُ: ثُمَّ أَىُّ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الأَقْصَى». قُلْتُ: وَكَمْ بَيْنَهُمَا قَالَ: «أَرْبَعُونَ عَامًا، وَالأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ؛ فَحَيْثُمَا أَدْرَكْتَ الصَّلاَةَ فَصَلِّ».

بلد الله الحرام فُضِّل على غيره؛ لاحتوائه على مقدساتٍ ومناسكَ وأماكن لا تكون في غيره، منها:

الكعبة بيت الله جل جلاله لا توجد إلا في بلد الله الحرام: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} (آل عمران: 96).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير