تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الأعتدال في الدعوة .......... الشيخ العثيمين رحمه الله]

ـ[أبوعبدالعزيزالتميمي]ــــــــ[14 - Nov-2010, مساء 05:08]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحقّ، فبلغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حقّ جهاده حتى أتاه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيسرني أن ألتقي بكم هذا اللقاء في موضوع مهم يهمّ المسلمين جميعهم، ألا وهو الدعوة إلى الله عزّ وجل.

قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (1)، والاستفهام في الآية بمعنى النفي، أي: لا أحسن قولًا.

والغرض من الإتيان بالاستفهام في موضع النفي إفادة أمرين:

الأول - انتفاء هذا الشيء.

الثاني - تحدي المخاطب أن يأتي به، فالاستفهام مشربٌ معنى التحدي، أي: إذا كان عندك شيء أحسن من هذا فأتِ به، ولكننا نقول: لا أحد أحسن قولًا ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا، وقال إنني من المسلمين.

والدعوة إلى الله تعالى هي الدعوة إلى شريعة الله الموصلة إلى كرامته، ودعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام تدور على ثلاثة أمور:

أولًا - معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته.

ثانيًا - معرفة شريعته الموصلة إلى كرامته.

ثالثًا - معرفة الثواب للطائعين والعقاب للعاصين.

والدعوة إلى الله تعالى أحد أركان الأعمال الصالحة التي لا يتم الربح إلا بها كما قال الله تعالى: {وَالْعَصْرِ} {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.

فإن التواصي بالحقّ يلزم منه الدعوة إلى الحق، والتواصي بالصبر يلزم منه الدعوة إلى الصبر على دين الله عز وجل في أصوله وفروعه.

إن الدعوة إلى الله عز وجل صارت الآن وما زالت بين طرفين ووسط.

أما الطرفان فجانب الإفراط، بحيث يكون الداعية شديدًا في دين الله يريد من عباد الله عز وجل أن يطبقوا الدين بحذافيره، ولا يتسامح عن شيء الدين يسمح به، بل إنه إذا رأى من الناس تقصيرًا حتى في الأمور المستحبة تأثر تأثرًا عظيمًا، وذهب يدعو هؤلاء القوم المقصرين دعاء الغليظ الجافي، وكأنهم تركوا شيئًا من الواجبات، ومن الأمثلة على ذلك:

المثال الأول: رجل رأى جماعة من الناس لا يجلسون عند القيام إلى الركعة الثانية، أو عند القيام إلى الركعة الرابعة، وهي التي تسمى عند أهل العلم جلسة الاستراحة، هو يرى أنها سنة، ومع ذلك إذا رأى من لا يفعلها اشتدّ عليه، وقال: لماذا لا تفعلها؟ ويتكلم معه تكلم من يظهر من كلامه أنه يقول بوجوبها، مع أن بعض أهل العلم حكى الإجماع على أن هذه الجلسة ليست بواجبة، وأن خلاف العلماء فيها دائر بين ثلاثة أقوال:

القول الأول: أنها مستحبة على الإطلاق.

القول الثاني: ليست مستحبة على الإطلاق.

القول الثالث: أنها مستحبة لمن كان يحتاج إليها، حتى لا يشقّ على نفسه كالكبير، والمريض، ومن في ركبه وجعٌ، وما أشبه ذلك.

فيأتي بعض الناس، ويشدد فيها، ويجعلها كأنها من الواجبات.

المثال الثاني: بعض الناس يرى شخصًا إذا قام بعد الركوع، ووضع يده اليمنى على اليسرى، قال: أنت مبتدع لا بد أن تسدل يديك، فإن وضعتهما على الصدر فإن ذلك من البدع والمنكرات، مع أن المسألة مسألة اجتهادية، وقد يكون الدليل مع من قال: إن اليدين توضعان بعد الركوع على الصدر، كما توضعان قبله أيضًا على الصدر؛ لأن هذا هو مقتضى الحديث الذي رواه البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: «كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة».

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير