[حول المهر]
ـ[وليد بن محمد الطاهيري]ــــــــ[21 - Nov-2010, مساء 09:51]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أمابعد فقد قرأت مقال الأستاذ وهبي الألباني المنشور في عدد جمادى الأولى سنة 1381 هـ من مجلة التمدن الإسلامي الزاهرة، في الرد على الأستاذ محمود مهدي استانبولي في مسألة تحديد المهور، فرأيته قال فيه ما نصه:
" لقد قرر الأستاذ محمود مهديأن قصة اقتراح عمر -رضي الله تعالى عنه- ترك التغالى في المهور هى خبر ضعيف، لايصح الاعتماد عليه، مع أن الخبر قد صححه ابن كثير الذى ذكر الخبر في تفسيره فقال: قال الحافظ أبو يعلى (بسنده إلى مسروق) قال: ركب عمر بن الخطاب منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: أيها الناس! ما إكثاركم في صداق النساء، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه والصداقات فيما بينهم أربعمائة درهم فمادون ذلك، ولو كان ذلك تقوى عند الله أو كرامة لم تسبقوهم إليها فلا أعرفن ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم، قال: ثم نزل فاعترضته امرأة من قريش،فقالت: يا أمير المؤمنين! نهيت الناس أن يزيدوا في مهر النساء على أربعمائة درهم؟ قال: نعم، فقالت: أما سمعت ما أنزل الله في القرآن؟ قال: وأين ذلك؟ فقالت: أما سمعت الله يقول: ( ... واءتيتم إحداهن قنطارا ... ) الآية، فقال: اللهم غفراً، كل الناس أفقه من عمر، ثم رجع فركب المنبر، فقال: أيها الناس إني كنت قد نهيتكم أن تزيدوا النساء في صداقاتهم على أربعمائة درهم، فمن شاء أن يعطي من مالهما أحب، قال أبو يعلى: وأظنه قال: فمن طابت نفسه فليفعل. إسناده جيد قوي " ابن كثير ج 1 ص 467 ".
ومن الطبيعي من مثلي أن لا يدخل في نزاع جديد بين الطرفين المختلفين في قصة التحديد المذكور، لأن للاجتهاد في ذلك مساغاً واسعاً، ولكل رأيه، لا سيما وهو يشبه من ناحية مسألة تحديد الأسعار التي قال بها بعض العلماء، معتوارد الأحاديث في أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أبى أن يسعر للناس حين طلبوا ذلك منه، وقال: " إن الله هو المسعر. . . " فإذا قال الأستاذ محمود بتحديد المهور،وافترض أنه لم يسبق إليه، فقد سبق إلى مثله، بل وإلى ما هو أولى بالمنع منه، وهوتحديد الأسعار عند من يمنع من تحديد المهور، كالأستاذ وهبي، فهل يقول بذلك، هذاما لا نظنه به، ولذلك فإني ما كنت أود منه أن لا يشنع عليه في الرد ذلك التشنيع الذي يشعر الآخرين بأنه إنما حمله عليه التعصب المذهبي. . .
هذا مع علم الأستاذ وهبي -فيما أظن- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صيام يوم الجمعة وقوله -صلى الله عليه وسلم-: " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " ومع ذلك، لمنسمع من الأستاذ وهبي ولا من غيره كلمة واحدة في إنكار هذه المخالفة الصريحة للسنةالصحيحة!
قلت: إنني لا أريد الدخول في نزاع جديد في المسألة، وانما الذي أريد بيانه في هذه الكلمة، هو بيان ضعف مستند الأستاذ وهبي في تصحيح قصة المرأة تقليداً منه للحافظ ابن كثير، وأنا وإن كنت أعذر الأستاذ وهبي في هذا التقليد (ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها) فإني في الوقت نفسه ألفت نظره إلى أن التقليد ليس علماً باتفاق العلماء، فلا يصلح إذن اتخاذه حجة للرد على المخالفين.
وهأنذا: أشرع الآن في بيان ضعف ذلك، مستنداً فيه إلى القواعد الحديثية فأقول:
إن هذا الخبر الذي نقله الأستاذ عن الحافظ ابن كثير يتضمن أمرين:
الأول: نهي عمر عن الزيادة في مهور النساء على أربعمائة درهم.
والآخر: اعتراض المرأة عليه في ذلك وتذكيرها إياه بالآية.
إذا تبين ذلك. فباستطاعتنا الآن أن نقول:
أما الأمر الأول فلا شك في صحته عن عمر رضي الله عنه، لوروده عنه من طرق، ولا بأس من ذكرها لما لذلك من فائدة هامة ستتبين للقاريءالكريم فيما بعد:
1 - عن أبي العجفاء قال:
¥