تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الحج بين القبول والرد للعلامة عبدالله ابن جبرين رحمه الله]

ـ[مؤسسة ابن جبرين الخيرية]ــــــــ[23 - Nov-2010, مساء 02:02]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فمن نعم الله على عباده أن يسر لهم السبل، وسهل لهم الأسباب للوصول إلى هذه المشاعر والأماكن الطيبة، التي هي مشاعر ومناسك لأداء حج بيته الحرام. ومن نعمه أيضا أن أعان على إتمام هذه المناسك، وعلى الفراغ منها بيسر وسهولة.

وبقي علينا أولا شكر الله؛ فإنه أهل أن يشكر، وأهل أن يعبد، وأهل أن يحمد، وأن يثنى عليه بما هو أهله، فهو أهل الثناء والمجد وهو أهل الحمد، سبحانه وتعالى.

وشكره: الاعتراف بفضله؛ فتفضل علينا أولا: بصحة الأبدان، وقد ابتلي كثير بالأمراض والعاهات.

وتفضل علينا ثانيا: بالجدة؛ أي بوجود المال الذي يكفينا لأداء هذه المناسك، وللمجيء إلى هذه البقاع، ويسد حاجتنا، وحتى نفرغ من هذا.

وثالثا: نشكره سبحانه على الأمن في هذه البلاد وفي الطريق إليها، فإن ذلك من نعمه.

هذه نعم يجب علينا أن نشكر الله تعالى عليها؛ نعمة الصحة، ونعمة المال، ونعمة الأمن، وكذلك أيضا نعمة الوقت أي الفراغ الذي يسره لنا؛ حيث كان عندنا وقت تمكنا فيه من السفر إلى هذه البلاد، ثم قضاء هذه المناسك.

كذلك أيضا نعمة العلم والمعرفة؛ فإن الإنسان جاهل بهذه المناسك حتى علّمه الله، ويسّر له من يعلمه ويطلعه على كيفية أداء هذه المناسك، ويوقفه على معرفتها. قبل أن يشاهدها قد يكون قرأها ولكن لم يكن عنده علم بتفاصيلها ولا بأماكنها. فأنا مثلا قبل أن آتي إلى هذه المشاعر أسمع بالبيت وبالطواف به، وأسمع بالصفا والمروة وبعرفة والجمرات.

ولكن لما أتيت احتجت إلى من يعرفني من أين أبدأ؟ وأين المقام الذي يصلى خلفه، وأين الحجر الذي يستلم؟ وأين الركن الذي يستلم؟ وأين حجر إسماعيل؟ وكذلك أيضا أين الصفا وأين المروة؟ وأين العلمان اللذان يسعى بينهما؟ فلا بد أن الإنسان وإن كان عالما يأتي إليه من يبصره.

وذكر لنا بعض مشائخنا نقلا عن مشائخهم: أن عالما مشهورا هو منصور البهوتي الذي ألف كتبا في الفقه وفي الأحكام، لما جاء لأداء نسك الحج؛ احتاج إلى من يوقفه على المشاعر، مع أنه كتب في ذلك المؤلفات الكبيرة كالروض المربع، وكشاف القناع، وشرح المنتهى، وشرح المفردات، وغيرها.

لا شك أن هذا كله دليل على أن الإنسان بحاجة إلى من يعلمه ويوقفه على المشاعر حتى يراها رأي عين، وحتى يعرف كيفية أداء هذه المشاعر وهذه المناسك، وكيف تبرأ الذمة بأدائها، فهذه من نعم الله تعالى علينا.

لا شك أن الإخوة قد تكرر حجهم مرارا، وقد عرفوا كيفية أداء المشاعر، عرفوا حدود منى وعرفوا حدود مزدلفة وحدود عرفات وعرفوا أماكن الجمرات، ومن أي الجهات يؤتى إليها، وعرفوا شعائر الله تعالى كالصفا والمروة {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} وما أشبه ذلك، وعرفوا المواقيت، وعرفوا ما يعمل فيها، فكل ذلك والحمد لله قد تكرر.

ومن نعم الله تعالى أن وفقنا لإتمام المناسك في هذه البقاع، فوفقكم للإحرام وحفظتم إحرامكم عن المحظورات التي توجب فدية أو توجب دما، وكذلك أيضا وفقكم للطواف بالبيت وللسعي بين الصفا والمروة وللوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة و بمنى ولرمي الجمار، وللنحر، وللحلق وما أشبه ذلك من الأعمال.

وكل هذه الأعمال تعمل لوجه الله تعالى، وابتغاء رضوانه؛ فهو سبحانه الذي أنعم على عباده، والذي تفضل عليهم بما تفضل به من هذه النعمة التي هي إتمامهم مناسكهم.

ونعرف أيضا أن المؤمن المسلم لا يتكبد المشقة ويفارق أولاده ويفارق بلاده وينفق ماله إلا لنية صادقة صالحة، وهي طلب الجنة وطلب النجاة من النار، وطلب مغفرة الذنوب كما رتب ذلك على مثل هذه الأعمال الصالحة، فإذا كانت هذه نيته فهنيئا له أن ربه سبحانه يبشره بذلك، وأنه يعطيه ما سأله، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فإذا قام بأداء ما أوجب الله عليه؛ فلن يخيب الله سعيه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير