[مرور الأيام .. ووقفة محاسبة]
ـ[ابن الزبير]ــــــــ[22 - Dec-2010, صباحاً 12:14]ـ
[مرور الأيام .. ووقفة محاسبة]
كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
الغرض من الخطبة:
التذكير بمرور الأيام، وماذا عملنا فيها، وليس المقصود التذكير ببداية العام ذاته.
1 - أيام تمر .. وأجل يقترب:
- روى الحسن عن أبي الدرداء قال: "يا ابن آدم، إنما أنت أيام، فإذا ذهب يوم ذهب بعضك".
- وقال بعض السلف: "كيف يفرح بمرور الأعوام من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره؟! كيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله، وحياته إلى موته؟! ".
- عام مضى سريعًا، وهكذا الدنيا: (قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ. قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ. قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (المؤمنون:112 - 114).
- قصيرة العمر كالزهور: قال الله -تعالى-: (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (طه:131).
2 - عام مضى فماذا عملت فيه؟
- أمهلنا الله -تعالى- فيه عمرًا لنعمل الصالحات: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ) (فاطر:37).
- مضى بحسناته وسيئاته: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: (مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ)، قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قَالَ: (مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني).
- عمل صالح في الحياة الطارئة ينفع في الحياة الحقيقية: (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى. يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي) (الفجر:23 - 24).
- أعمال بالخير والشر نسينا كثيرًا منها، لا تُنسى عند الله: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) (آل عمران:30).
- لن ينفع الندم بعد فوات العمر ومرور الأعوام: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) (الكهف:49).
3 - من أحوال الصالحين مع العمر:
- كانوا يخافون أطول يوم يمر بهم، فاغتنموا الأيام القصيرة: (إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا) (الإنسان:10).
- كانوا يخافون اليوم الذي يكرم فيه المرء أو يهان: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) (آل عمران:106).
- كانوا يعملون ويتعبون في الأيام القصيرة؛ طلبًا للكرامة في الأيام الطويلة: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ) (الحاقة:24).
- اغتنموا أيامهم وصحتهم قبل أن يسألوا عنها: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ: الصِّحَّةُ، وَالْفَرَاغُ) (رواه البخاري).
أمثلة:
- قيل لسفيان الثوري: "اجلس معنا نتحدث"، فقال: "كيف والنهار يعمل عمله؟! ".
- وقيل لكرز بن وبرة: "ألا تجلس معنا؟ "، قال: "احبسوا الشمس لأجلس معكم! ".
- وقيل: إن نوحًا -عليه السلام- لما حضرته الوفاة، قيل له: "كيف وجدت الحياة؟ "، قال: "والذي نفسي بيده ما وجدت الحياة إلا كبيت له بابان: دخلت من هذا، وخرجت من الآخر! ".
4 - من ندم المفرطين حين حضرهم الموت:
- وقف عبد الملك بن مروان ينظر من شرفة قصره، فرأى غسالاً في الوادي يغسل الثياب، وهو ينشد سعيدًا، فلما حضرته الوفاة؛ تذكر الغسال، وقال: "يا ليتني كنت غسالاً .. يا ليتني ما عرفت الخلافة .. يا ليتني ما توليت الملك! ".
- ولما حضرت الوفاة الوليد بن عبد الملك نزل مِن على فراشه، وجعل يمرغ وجهه في التراب، ويقول: "ما أغني عني ماليه، هلك عني سلطاني! ".
¥