تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[اختيار العلامة ابن باديس في مسألة الحجاب]

ـ[فريد المرادي]ــــــــ[08 - Oct-2007, مساء 04:38]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

’’ اختيار العلامة ابن باديس في مسألة الحجاب ‘‘

كثير من طلبة العلم عندنا ممن يذهب إلى مذهب العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في جواز كشف الوجه و الكفين للمرأة، يذكرون العلامة السلفي عبد الحمد بن باديس رحمه الله (ت 1359هـ) فيمن ذهب إلى ذلك أيضا.

و لكن الناظر في كلام الشيخ ابن باديس يجد أنه رحمه الله قد ذكر تفصيلا في المسألة، و أحاط رأيه بقيود كثيرة، لو أخذ بها هؤلاء الطلبة لزال الخلاف، و الله المستعان.

و في هذا المقال أنقل ما قاله الشيخ ابن باديس في المسألة دون مناقشة، لأن الأمر قد بحث كثيرا بما لا مزيد عليه، و لله الحمد.

1 - قال رحمه الله: (لما قال الله تعالى: "و لا يبدين زينتهن" عم اللفظ الباطنة و الظاهرة، و لما قال: "إلا ما ظهر منها" خص الظاهرة فجاز إبداؤها و بقيت الباطنة على المنع، و أفادت الآية منع كشف العنق و الصدر و الساق و الذراع و جميع الباطن، و أباحت كشف الظاهر، و هو الوجه و الكفان، إذ هما ليس بعورة من المرأة بإجماع)، "ابن باديس: حياته و آثاره" (2/ 130).

2 - و قال بعد نقله لبعض أقوال العلماء: (فهذه النقول كلها مفيدة لما دلت عليه الآية من أن الوجه و الكفين ليسا بعورة و أنه لا يجب على المرأة سترهما. نعم نص أكثر الفقهاء مع جميع المذاهب على أن المرأة يجب عليها ستر وجهها إذا خشيت منها الفتنة، و هذا حكم عارض معلل بهذه العلة، فيدور معها وجودا و عدما. و لذا لما كنا تحققنا الفساد بسفور نساء المدن و القرى ـ و حالتنا هي حالتنا ـ لا نرى لهن جواز السفور ما دامت هاته الحال، و نعرف نساء جهات في بادية قطرنا لا يسترن وجوههن و ليس بهن فساد و لم تقع بهن من فتنة؛ فلما سئلنا عن سفورهن أجبنا بتركهن على حالهن أخذا بأصل الجواز)، السابق (2/ 132).

3 - و قال رحمه الله عند كلامه على قول الله تعالى: "يا أيها النبي قل لأزواجك و بناتك و نساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن" [الأحزاب:59]: (أفادت الآية طلب تقرير المرأة بعض جلبابها و إرخائها و ضمه عليها من ناحية وجهها، و هذا محتمل لأن يكون بتغطية جميع الوجه و بتغطية بعضه)، "آثاره" (2/ 133 - 134).

ثم قال (2/ 134 - 135): (قد مضت آية الإبداء مفيدة جواز إبداء الوجه و الكفين على مقتضى ما تقدم من البيان، و جاءت بعدها آية الإدناء محتملة لطلب ستر الوجه كله كما في القول الأول، و تكون عليه معارضة لآية الإبداء المتقدمة؛ تلك تبيح كشف الوجه و هذه تحظره، و محتملة لطلب الإرخاء و الضم لبعض الجلباب على بعض الوجه و هو الجبين كما في القول الثاني و لا تكون حينئذ معارضة لآية الإبداء.

و حملها على ما لا تكون به معارضة بين الآيتين ـ و هو الوجه الثاني ـ أرجح و أولى إن لم يكن متعينا).

إلى أن قال: (و بهذا التقرير تكون كل آية مفيدة معنى غير الذي أفادته الأخرى، فآية الإبداء أفادت طلب ستر الأعضاء إلا الوجه و الكفين، و آية الإدناء أفادت طلب الستر الأعلى الذي يحيط بالثياب و يعم الرأس و ما والاه من الوجه و هو الجبين و ينضم على البدن، ليحصل به تمييز الحرائر بالمبالغة في التستر و الاحتشام، و هذا هو المناسب لجوامع كلم القرآن و الله أعلم).

4 - و قال رحمه الله عند شرحه لحديث فاطمة بنت المنذر في الموطأ: "كنا نخمر وجوهنا و نحن محرمات و نحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما": (تخمير الوجه: تغطيته بغير نقاب و ما في معناه مما يشد على الوجه، و ذلك بأن تسدل الثوب على وجهها نازلا من رأسها. و جاء هذا مبينا في حديث عائشة الذي رواه أحمد و أبو داود و ابن ماجه و غيرهم، قالت: "كان الركبان يمرون بنا و نحن مع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم محرمات، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه")، السابق (2/ 204).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير