[خطبة عيد الفطر للعلامة البشير الإبراهيمي]
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[11 - Oct-2007, مساء 02:35]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
’’ خطبة عيد الفطر للعلامة البشير الإبراهيمي ‘‘
هذه خطبة عيد الفطر المبارك للشيخ العلامة السلفي محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله، و التي ألقاها فضيلته في يوم الأحد (1 شوال 1348هـ - الموافق 9/ 06/1929م)، و نشرت ـ أخيرا ـ في (مجلة القران الكريم) الجزائرية (العدد:2 / صفر - ربيع الأول 1428هـ، ص50 - 51)، فاستحسنت نقلها في هذا المنتدى للمناسبة، و أسال الله تعالى أن يتقبل منا و منكم صالح الأعمال.
الخطبة الأولى:
أيها الناس: إن يومكم هذا من الأيام المشهودة، وسمه دينكم بسمة هي الغرة اللائحة في جبين الأيام، و هي هذه الشعيرة التي تقيمون أركانها، و تجتمعون لأجلها.
فاحمدوا الله تعالى على الهداية، و اسألوه أن تكون كل ساعة تأتي بعد ساعتكم هذه خيرا مما قبلها، و أن يكون اجتماعكم هذا فاتحة اجتماعات في الخير تنقضي مع العمر، تتآمرون على المعروف و تتناهون عن المنكر، و تتواصون بالصبر.
عبد الله: لو كانت كلمة الحكمة توازن بالذهب، أو تقدر بالمال و النسب، لكانت كلمة علي بن أبي طالب هي تلك الكلمة، و فوقها قدرا و قيمة تلك الحكمة، التي ثقفتها الفكرة العالية، و محضتها الخبرة الراقية، و هي قوله رضي الله عنه: (قيمة كل إنسان ما يحسنه).
بين لنا رضي الله عنه و هو مصدر البيان، و ينبوع التبيان، أن الأعمار هي الأعمال، و بالإحسان فيها تتفاوت قيمة الرجال، و أن ذلك لا يرجع إلى وزن بميزان، و لا كيل بقفزان، و إنما هو عقل مفكر، و لسان متذكر، و من لا عمل له؛ فلا عمر له، و من لا أثر له في الدين يمتثل به أمر ربه، و لا أثر له في الدنيا تزدان به صحيفة كسبه؛ فوجوده عدم، و عقباه ندم، و حياته مسلوبة الاعتبار، و إن شارك الأحياء في الصفة و المميزات.
فاحرصوا ـ رحمكم الله ـ على أن تكون لحياتكم قيمة، و اربؤا عن أن تكون في كفة النحس و الهضيمة، و اسعوا في الوصول بها إلى القيم الغالية، و الحصول منها على الحصص العالية.
و إن الأعمال التي تجمل الحياة و تغليها، و تقف بها في مستوى الإجلال و تحييها؛ لا تعدو نوعين:
وظائف العبادات التي هي سور الوحدانية، و العنوان الصادق على الإخلاص في العبودية، و هي أخف النوعين محملا، و أقربهما تحصيلا و عملا؛ لأن الله لم يكلفكم من عبادته إلا باليسير، و شغل بها القليل من أوقاتكم و ترك لكم الكثير.
و النوع الثاني: السعي فيما تقوم به هذه الحياة الدنيا من الأعمال و تتوقف عليه عمارتها، و هذا يرجع إلى الدين بإخلاص النية، و تمحيض القصد للجري على حكمة الله و تأييد سنته الكونية.
جعلني الله و إياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و كشف عن قلوبنا ـ لإدراك الحقائق ـ حجاب الغفلة و السنة، و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدا يوافي نعمه و يكافئ مزيده، و نشهد أن لا إله إلا الله شهادة من آمن به و أخلص توحيده، و اعتمد عليه في كل أموره فرجا وعده و خاف وعيده، و رفع أكف الابتهال و الضراعة طالبا لطفه و تسديده، و فضله و تأييده، و نشهد أن سيدنا محمدا عبد و رسوله إتماما لنصاب العقيدة، و تنويها بمزاياه الحميدة، كما نصر الحق و أكثر عديده، و خذل الباطل و أبلى جديده، و تمم مكارم الأخلاق بصفاته المجيدة، و أقواله السديدة، و بعث آخر الأنبياء فكان لبنة التمام و روي القصيدة صلى الله عليه و سلم.
أيها الناس: اتقوا الله تعالى حق التقوى، و حافظوا على حدوده في السر و النجوى، و امتثلوا أمر ربكم الذي أكسبكم به فخرا و تعظيما، و هو قوله: ((إن الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما)) [الأحزاب:56].
و اعلموا أن يومكم هذا خصص للاجتماع و العبادة، و الحسنى و الزيادة، فأقيموا القصد في التقرب من بعضكم، و دعوا الأحقاد و التباغض، و أسبلوا على ما فرط من بعضكم لبعض أذيال الستر و العقر، و الزموا خلق الرضا و الصفح، فكونوا عباد الله رحماء بينكم، ((و اذكروا نعمة الله عليكم غذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا)) [آل عمران:103].
وفقني الله و إياكم لصالح القول و العمل، و وقاني و إياكم شر مزالق الزلل.
((ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا و هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب)) [آل عمران:8].
عباد الله: ((إن الله يأمر بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي يعظكم لعلكم تذكرون)) [النحل:90].
نقلها لكم أخوكم المحب /
فريد المرادي (29 رمضان 1428هـ).
ـ[آل عامر]ــــــــ[13 - Oct-2007, صباحاً 09:26]ـ
جزاك الله خيرا أخي فريد المرادي
ورحم الله العالم الرباني والناصح المشفق على أمته محمد البشير الإبراهيى
¥