[أين القمر؟]
ـ[ابن رجب]ــــــــ[24 - Oct-2007, مساء 09:01]ـ
[أين القمر؟]
للشيخ حماد بن محمد الأنصاري
المدرس بكلية الشريعة
أقوال السلف تومئ إلى أن القمر وغيره من الكواكب في فلك دون السماء
الحمد لله وكفى، وصلى الله على المصطفى، وبعد:
فعلى إثر الحادثة التي تناقلتها وكالات الأنباء العالمية وبلغت أخبارها أنحاء العالم وهي ما أشيع عن وصول الإنسان إلى سطح القمر، تساءل كثير من الناس عن القمر هل هو مغروز في السماء المبنية أو هو دون السماء؟
وانقسم الناس في ذلك إلى مصدق بهذا النبأ تصديقا كاملا وإلى مكذب به وربما تجاوز في ذلك إلى تفسيق القائلين بالصعود أو تكفيرهم بينما وقف فريق ثالث من أخبار هذه الحادثة موقف التثبت والإستبانة حيث أنه لا يمكنه إعطاء معلومات يقينية على الرحلة إلى القمر ولم يظهر لهم مقتضى النصوص الشرعية في ذلك لوجود ظواهر ألفاظ آيات يحسبونها تقتضي استحالة النزول على القمر ولوجد ما ذكر توقف هؤلاء عن التصديق والتكذيب.
هذا وقد قام فضيلة نائب رئيس الجامعة الإسلامية في هذا المجال بجهد مشكور أبان فضيلته أنه لا يعلم نصا صريحا من كتاب الله ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم يمنع من وصول الإنسان إلى القمر، وما أحب أن أضيف زيادة إلى ما ذكره فضيلته فقد وفى البحث حقه، غير أني سبق أن جمعت في هذا الموضوع بعض النقول عن أئمة الإسلام وعلماء التفسير بمعالجة الموضوع من زاوية غير التي تناولها بالبحث والتحقيق فضيلته، وذلك أن بحثي في خصوص ما قرره علماء التفسير على بعض الآيات القرآنية المتعلقة بالأفلاك مما يبين أن القمر والشمس وغيرهما من الكواكب كل يسبحون دون السماء المبنية، وقد تناوله علماء الإسلام بالبحث فأبدوا فيه وأعادوا مما يدل على اطلاعهم وعمق تفكيرهم، وبعد نظرهم، وأنهم حينما يدرسون النصوص القرآنية يدرسونها ككل، ويحاولون التوفيق بين نصوصها، وأنهم بذلك قد خلفوا لنا ثروة فكرية وعلمية لا يمكن تقديرها، وأن التقصير والإهمال وعدم متابعة البحث كان ممن جاء بعدهم، وهذا هو ما دفعني إلى نشر هذه النقول ليشاركني في العلم بها إخواني من القراء الذين يعتزون بتراثهم الإسلامي؛ فأقول مستعينا بالله فإنه خير مستعان به:
إن الآيات التي تعرضت للقمر وغيره من الكواكب كثيرة أذكر منها خمس آيات وأقرنها بما روي عن السلف في تفسيرها مع ملاحظة أن مثل هذا التفسير ليس للرأي فيه مجال.
فالآية الأولى - من سورة الأنبياء قال تعالى -: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}.
ذكر ابن جرير في تفسيره الجليل بسنده إلى ابن زيد أنه قال - في قوله تعالى: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} -: "أي الفلك الذي بين السماء والأرض من مجاري النجوم والشمس والقمر"، وقرأ ابن زيد قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً}، وقال تلك البروج بين السماء والأرض وليست في الأرض {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} قال ابن زيد فيما بين السماء والأرض النجوم والشمس والقمر".
وقال القرطبي (ج 15 - ص33) قال الحسن البصري: "الشمس والقمر والنجوم في فلك بين السماء والأرض غير ملصقة ولو كانت ملصقة ما جرت".
قال القرطبي أيضا: "والأصح أن السيارة تجري في الفلك وهي سبعة أفلاك دون السماوات المطبقة التي هي مجال الملائكة وأسباب الملكوت فالقمر في الفلك الأولى ثم عطارد ثم الزهرة ثم الشمس ثم المريخ ثم المشتري ثم زحل والثامن فلك البروج والتاسع الفلك الأعظم " (ج11ـ ص 286).
وقال البغوي في تفسيره المعروف عند الآية المتقدمة الذكر آنفا {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}: "وقال آخرون - يعني من علماء التفسير - الفلك موج مكفوف دون السماء تجري فيه الشمس والقمر والنجوم".
وقال السيوطي في الدر المنثور في تفسير القرآن بالمأثور: "أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره وأبو الشيخ عن حسان بن عطية في قوله تعالى: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} قال: "الشمس والقمر والنجوم مسخرة في فلك بين السماء والأرض".
¥