[لماذا يدعو الإنسان ولا يستجاب له؟ _ للشيخ العثيمين - رحمه الله]
ـ[عبدالله السني]ــــــــ[13 - Jan-2008, مساء 01:02]ـ
وسُئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ عمن يدعو ويستبطىء الإجابة ويقول: قد دعوت الله ـ عزَّ وجلَّ ـ فلم يستجب لي.؟
فأجاب فضيلته ـ رحمه الله ـ بقوله:
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وأسأل الله تعالى لي ولإخواني المسلمين التوفيق للصواب عقيدةً وقولاً وعملاً يقول الله ـ عزَّ وجلَّ ـ: {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 06]، ويقول السائل إنه دعا الله ـ عزَّ وجلَّ ـ ولم يستجب الله له فيستشكل هذا الواقع مع هذه الاية الكريمة التي وعد الله تعالى فيها من دعاه بأن يستجيب له، والله سبحانه وتعالى لا يخلف الميعاد. والجواب على ذلك أن للإجابة شروطًا لابد أن تتحقق وهي:
الشرط الأول: الإخلاص لله عزَّ وجلَّ بأن يخلص الإنسان في دعائه فيتجه إلى الله سبحانه وتعالى بقلب حاضر صادق في اللجوء إليه عالم بأنه عزَّ وجلَّ قادر على إجابة الدعوة، مؤمل الإجابة من الله سبحانه وتعالى.
الشرط الثاني: أن يشعر الإنسان حال دعائه بأنه في أمس الحاجة؛ بل في أمس الضرورة إلى الله سبحانه وتعالى، وأن الله تعالى وحده هو الذي يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.
أما أن يدعو الله ـ عزَّ وجلَّ ـ وهو يشعر بأنه مستغنٍ عن الله سبحانه وتعالى وليس في ضرورة إليه وإنما يسأل هكذا عادة فقط أو للتجربة فإن هذا ليس بحري بالإِجابة.
الشرط الثالث: أن يكون متجنبًا لأكل الحرام فإنَّ أكل الحرام حائل بين الإنسان والإجابة كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة: 271]، وقال تعالى: {يأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون:15]، ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلّم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذِّي بالحرام قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «فأنى يستجاب لذلك» (5).
فاستبعد النبي صلى الله عليه وسلّم أن يستجاب لهذا الرجل الذي قام بالأسباب الظاهرة التي بها تستجلب الإجابة وهي:
أولاً: رفع اليدين إلى السماء أي إلى الله ـ عزَّ وجلَّ ـ لأنه تعالى في السماء فوق العرش، ومد اليد إلى الله ـ عزَّ وجلَّ ـ من أسباب الإجابة كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في المسند: «إن الله حييّ كريم يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صِفْرًا» (6).
ثانيًا: هذا الرجل دعا الله تعالى باسم الرب «يا رب يا رب» والتوسل إلى الله تعالى بهذا الاسم من أسباب الإجابة؛ لأن الرب هو الخالق المالك المدبر لجميع الأمور فبيده مقاليد السموات والأرض ولهذا تجد أكثر الدعاء الوارد في القرآن الكريم بهذا الاسم: {رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ * فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّنذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} [آل عمران: 391 ـ 591].
فالتوسل إلى الله تعالى بهذا الاسم من أسباب الإجابة.
¥