تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[وصية علي لكميل ....]

ـ[هشام الهاشمي]ــــــــ[14 - Jan-2008, صباحاً 11:34]ـ

وصية علي لكميل

هَذِهِ الوَصِيَّةُ مِن أَحْسَنِ الوَصَايَا في الحَثِّ عَلَى طَلَبِ العِلْمِ وَبَيَانِ شَرَفِ حَامِلِيهِ قَالَ عَنهَا الخَطِيْبُ البَغْدَادِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: ((هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَحْسَنِ الْأَحَادِيثِ مَعْنًى , وَأَشْرَفِهَا لَفْظًا , وَتَقْسِيمُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ النَّاسَ فِي أَوَّلِهِ تَقْسِيمٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ , وَنِهَايَةِ السَّدَادِ , لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا مَعَ كَمَالِ الْعَقْلِ وَإِزَاحَةِ الْعِلَلِ , إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا أَوْ مُغْفِلًا لِلْعِلْمِ وَطَلَبِهِ , لَيْسَ بِعَالِمٍ وَلَا طَالِبٍ لَهُ فَالْعَالِمُ الرَّبَّانِيُّ: هُوَ الَّذِي لَا زِيَادَةَ عَلَى فَضْلِهِ لِفَاضِلٍ , وَلَا مَنْزِلَةَ فَوْقَ مَنْزِلَتِهِ لِمُجْتَهِدٍ , وَقَدْ دَخَلَ فِي الْوَصْفِ لَهُ بِأَنَّهُ رَبَّانِيٌّ وَصْفُهُ بِالصِّفَاتِ الَّتِي يَقْتَضِيهَا الْعِلْمُ لِأَهْلِهِ , وَيَمْنَعُ وَصْفَهُ بِمَا خَالَفَهَا , وَمَعْنَى الرَّبَّانِيِّ فِي اللُّغَةِ: الرَّفِيعُ الدَّرَجَةِ فِي الْعِلْمِ , الْعَالِي الْمَنْزِلَةِ فِيهِ , وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: (لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ)، وَقَوْلَهُ تَعَالَى: (وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ))).

فِإلَى الوَصِيَّةِ

((عن كُمَيل بن زياد النَّخَعِي قال: أخذ عليٌّ بيدي، فأخرجني إلى ناحية الجبَّان، فلما أَصْحَرنا، جَلَسَ، ثم تَنَفَّسَ، ثم قال: يا كُمَيلَ بنَ زيادٍ القُلُوبُ أوعيةٌ؛ فخيرُها أوعاها، احفظ ما أقول لك: الناس ثلاثة: فعالم رَبَّانِيٌّ، ومتعلم على سبيل نجاة , وهمج رعاع , أتباع كل ناعق يميلون مع كُلِّ رِيحٍ، لم يَسْتَضِيئوا بِنُور العَلمِ ولم يَلجئوا إلى رُكنٍ وَثِيقٍ.

العِلمُ خَيرٌ من المالِ، العِلْمُ يَحْرُسُكَ وأنت تحرُسُ المالَ، العلمُ يَزُكو على العَمَلِ، والمال تَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ، العلمُ حَاكِمٌ , والمال محكُومُ عليه , وصَنيعَةُ المالِ تَزُولُ بِزَوَالِهِ , ومحَبَّةُ العالم دِيْنٌ يُدانُ بها، العلمُ يُكْسِبُ العالم الطَّاعةَ في حياته، وجميلَ الأُحْدُوثَةِ بَعدَ مَوتِهِ، وصَنيعةُ المال تَزولُ بِزَوَالِهِ، مَاتَ خُزَّانُ الأَموالِ وَهمُ أَحْيَاءٌ، والعلماءُ بَاقُونَ مَا بَقِي الدَّهْرُ، أَعْيَانهم مَفْقُودَةٌ، وَأَمْثَالُهُم في القُلُوبِ مَوجُودَةٌ، هَا إنَّ هَهُنا ـ وأشار بيده إلى صدره ـ عِلْماً لو أصبتُ له حَمَلةً، بلى أصَبْتُهُ لَقِناً غَيرَ مَأمُونٍ عليه، يَسْتَعْمِلُ آلَةَ الدِّين للدُّنيا، يَسْتَظْهِرُ بِحُجَجِ اللهِ عَلَى كِتَابِهِ، وبِنِعَمِهِ عَلَى عِبَادِهِ، أَو مُنقَاداً لأَهْلِ الحَقِّ , لا بَصِيرَةَ لَهُ في إِحْيَائِهِ , يَقْتَدِحُ الشَّكُّ في قَلبِهِ , بِأَوَّلِ عَارِضٍ مِنْ شُبْهَةٍ , لا ذَا , ولا ذَاك , أَو مَنهُومٌ باللَّذَّةِ، سَلِسُ القِيادِ للشَّهَواتِ , أو فمغرىً بجمع الأموال , والادِّخَارِ , ليسا مِن دُعَاةِ الدِّينِ , أَقْرَبُ شَبَهاً بهما الأَنعَامُ السَّائِمةُ , كَذلكِ يموتُ العلمِ بموتِ حَامِلِيهِ , اللَّهُمَّ بَلَى , لَن تخْلُوَ الأَرضُ مِن قَائِمٍ للهِ بحُجَّةٍ , لِكَي لا تَبْطُلَ حُجَجُ اللَّهِ وَبَيِّنَاتُهُ , أُولَئِكَ الْأَقَلُّونَ عَدَدًا الْأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ قَدْرًا , بِهِمْ يَدْفَعُ اللَّهُ عَنْ حُجَجِهِ , حَتَّى يُؤَدُّوهَا إِلَى نُظَرَائِهِمْ , وَيَزْرَعُوهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ ,هَجَمَ بهم العلمُ عَلَى حَقِيْقَةِ الأَمْرِ , فَاسْتَلانُوا مَا اسْتَوعَرَ مِنه المُتْرَفُونَ , وَأَنِسُوا بما اسْتَوحَشَ منه الجَاهِلُونَ , وَصَاحَبُوا الدنيا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بالمحلِّ الأَعْلَى ,أُولَئِكَ خُلَفَاءُ اللَّهِ فِي بِلَادِهِ، وَدُعَاتُهُ إِلَى دِينِهِ، هَاهْ هَاهْ شَوقاً إلى رُؤيَتِهِم , وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لي وَلَكَ , إِذَا شِئتَ فَقُمْ)) (1). اهـ

قال أبو عبيد العمروني: إسناده ضعيف جداً لجهالة عبد الرحمن بن جندب الراوي عن كميل، فقد قال عنه الحافظ في: ((لسان الميزان)): ((مجهول)).اهـ

وأبو حمزة الثُّمالي ضعيف ليس بشيء، ضعفه أحمد وابن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة، بل وقال: النسائي: ليس بثقة.

وقال إسماعيل بن عبد الله سمّويه، عن عمر بن حفص بن غِيَاث: ترك أبي (حديث) الثُّماليَّ.

وقال أبو أحمد بن عَدِي: ((وضَعْفُه بيّنٌ على رواياته، وهو إلى الضَّعف أقرب)).اهـ

قلت (المؤلف): ومع ضعفه سنداً إلا أن شهرته أغنت عن الإسناد فيه كما قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله: ((وهو حديث مشهور عند أهل العلم، يستغنى عن الإسناد لشهرته عندهم)).اهـ

فالحديث ضعيف سنداً، صحيح شهرةً فقد تلقاه العلماء بالقبول، يستغنى بشهرته عن إسناده.

ـــــــــــــ

(1) أبو نعيم (حلية الأولياء ج 1 ص 40 ـ 41)، والخطيب (الفقيه والمتفقه / 1 / ص 182، ذكر تقسيم أمير المؤمنين على بن أبي طالب أحوال الناس في طلب العلم وتركه) تحقيق عادل العزازي، والمزي (تهذيب الكمال)، وأورده الحافظ ابن عبد البر في جامع بيان العلم مختصراً، وعلق عليه قائلاً: ((وهو حديث مشهور عند أهل العلم، يستغنى عن الإسناد لشهرته عندهم)(ج 2 / ص 984).اهـ

موقع ضَبحُ العَادِيات

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير