تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[خطاب الشيخ حمود الشعيبي لأحد المشايخ حول قنوت النوازل]

ـ[ابن خالد]ــــــــ[22 - Jan-2008, صباحاً 10:50]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. إلى فضيلة الشيخ/ ... - حفظه الله-

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد

فقد وصلتني رسالتكم العتابية التي نقدتم فيها ردي على صالح بن عبد العزيز آل الشيخ في خطئه في منع القنوت في النوازل، وقد قرأت رسالتكم عدة مرات، ووقفت حائرًا عند عدة أسئلة:

أولاً: لماذا كتبتَ هذه الرسالة بعد مُضِيّ عدة أشهر، علمًا بأني قد زودتكم بنسخة من نقدي في تاريخه.

ثانيًا: هل من حَرر هذا الخطاب قرأ نقدي كاملاً؟ لا أظن ذلك؛ لضعفه علميًا ولجهله بالقواعد الأصولية، ولِمَا وقع فيه من التناقض الصريح.

ثالثًا: لماذالم يكن الرد من صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وهو الذي انتقدته وهو المَعْنِيّ بذلك؟ وقد جاء الرد من قِبَلِكم.

وكنت مترددًا في الإجابة على رسالتكم لمكانتكم عندي، لولا قولكم في آخر الرسالة: ينبغي أن تعتذر من صالح وتترك الإصرار، فلما سمعتُ هذه العبارة تمثَّلتُ بقول الشاعر العربي:

قرِّبا مربط النعامة مني ... إن بيع الكرام بالشسع غالي

فعزمت على الرد على رسالتكم مستعينًا بالله مبينًا ما فيها من أخطاء وملاحظات وهي ما يلي:

أولاً: قلت- وفقك الله- إن القنوت نُسِخ بعد حادثة بئر معونة في السنة الثالثة حين قنت النبي صلى الله عليه وسلم شهرًا فيها ثم تركه، وإنما يُؤخَذ بالآخِر فالآخِر من فعله صلى الله عليه وسلم، ثم ضربتَ أمثلةً في أشياء نُسخت فيما بعد، وهذا الكلام عليه ملاحظات وهي:

أ- أنك لم تُراع أصول وقواعد أهل العلم في النسخ، فمما يعرف أبسط طلبة العلم أن النسخ له شروط وهي على الاختصار: الأول: تَعَذُّر الجمع، الثاني: معرفة التاريخ، أو النص الصريح على النسخ، وهذه الواقعة خلت منها هذه الشروط، فلم تأت بنص صريح فيه المنع من القنوت يدل على النسخ، ولم يتعذر الجمع، بل ليس هناك تعارض حتى نحتاج إلى الجمع، وإنما ذكرت مجرد الترك، والترك ليس دليلاً على النسخ، الأمر الآخر: أنك ادعيت أن النسخ وقع بعد بئر معونة، مع أنه ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قنت بعد بئر معونة، فبطل ادعاؤك للنسخ في بئر معونة.

ب- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت بعد بئر معونة بعد صلح الحديبية، وقد ذكرتُ ذلك في فتوى مشروعية القنوت، ولا أدري أقرأت ذلك حقيقةً أم لا؟ وذكرتُ فيها الدليل على ذلك. وإليك الدليل من نفس الفتوى؛ فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يرفع رأسه يقول: سمع الله لمن حمده يدعو لرجال فيسميهم بأسمائهم فيقول: «اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعيّاش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسنيّ يوسف» متفق عليه. وقصة قنوته صلى الله عليه وسلم للمستضعفين في مكة كانت بعد صلح الحديبية وفتح خيبر كما قاله ابن تيمية في الفتاوى (23/ 105).

ج- أنك قلت إن الرسول صلى الله عليه وسلم ترك القنوت وجعلت مجرد الترك نسخًا، وهذا أمر مستغرب، ويلزم منه دعاوى باطلة وإبطال أحكام كثيرة بدعوى الترك، وكثير من الأحكام النبوية يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم مرة ثم يتركها؛ فهل مجرد الترك نسخ؟ بل لا يلزم استمرار عمل الرسول صلى الله عليه وسلم به حتى الموت لكي يدل أنه غير منسوخ، بل لو فعله مرة لدلَّ على الجواز، وإن لم يفعله مرة أخرى.

د- قلت إنه يؤخذ بالآخِر فالآخر من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم لم تذكر لنا نص الآخر من فعله، وإنما جعلت الآخِرَ تركًا مجردًا، ولم تذكر لنا فعلاً يمكن أن يُسمَّى الآخر، أنه مباح ثم مُنع بالنص، وأن زيارة القبور كانت ممنوعة ثم شُرِعت بالنص، وأن النياحة كانت مباحة ثم جاء النهي، وما ذكرتَه حقٌ وجاءت أدلة صريحة في النسخ ذكرتَ بعضها، لكن في مسألة القنوت استعملتَ الحيدة ولم تذكر نصًا صريحًا في النسخ كما ذكرتَ في النصوص قبلها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير