[أللهم أحصهم عددا]
ـ[د محمد السعيدي]ــــــــ[24 - Jan-2008, مساء 12:08]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم أحصهم عددا ...
عظم اغتباطنا في هذا الموقف العصيب لإخواننا في غزة حين دعا سماحة مفتي المملكة العربية السعودية إلى القنوت في الصلاة بالدعاء لأهل غزة , فالدعاء مخ العبادة و ليس بالعون اليسير في أثره إن شاء الله وإن كان يسيرا على ألسنة المؤمنين وقلوبهم ونرجوا أن يكون من بواكير نفعه أن يعجل الله الغوث لإخواننا ويعينهم على الصمود في وجه هذا الاحتلال المجرم.
ولما كان الدعاء هو العبادة فإن العبادات ينبغي أن تجري على وفق هدي الشرع الحكيم , إذ إن كل عبادة يخالف بها العبد ما جاء عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم فإنها لا تثمر إلا ضررا في الدنيا وردا وإثما في الآخرة.
وقد رأيت أن بعض أئمة المساجد وفقهم الله لكل خير , قنتوا لإخوانهم في غزة بما يبدو لي أنه على خلاف منصوص الشرع الحكيم , كما أنه مجانف لجلب المصلحة ودرء المفسدة التي جاءت بها أحكام الشريعة الغراء ولله الحمد والمنة.
وذلك أن هناك من يسهب في الدعاء على جملة اليهود والنصارى والكافرين بالهلاك والإبادة وتجميد الدم في العروق وزلزلة الأرض من تحت أقدامهم إلى غيرها من الدعوات التي لا تختص بالمعتدين والظالمين من الكافرين بل تتجاوزهم إلى كل كافر على وجه الأرض , ومنهم من يأخذ بدعاء خبيب بن عدي رضي الله عنه حين قدمه الكافرون للقتل في مكة وهو كما في صحيح البخاري ج4/ص1465 (اللهم أَحْصِهِمْ عَدَدًا وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا ولا تُبْقِ منهم أَحَدًا) ولا يخفى أن هذا الدعاء ليس سنة لكونه عن خبيب رضي الله عنه وليس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولم يثبت عن رسول الله علمه به أو إقراره عليه وإنما ورد أن الني صلى الله عليه وسلم أخبر الصحابة بقتله كما ورد أنه رد سلام خبيب فقال (وعليك السلام) بل لم يثبت أنه تعالى استجاب دعوة خبيب هذه , بل أسلم كثير ممن حضر مقتل خبيب رضي الله عنه , ومنهم من طعنه بالحربة وهو عقبة بن الحارث رضي الله عنه كما أسلم أبو سفيان ومعاوية وغيرهم ممن حضر مقتله رضي الله عنهم ..
إذا فدعاء خبيب رضي الله عنه ليس بسنة , ولم يستجب الله له , كما لم يستجب سبحانه لدعاء رسوله صلى الله عليه وسلم حين دعا على كفار مضر وكفار مكة , جاء في صحيح البخاري ج4/ص1661عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان إذا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ على أَحَدٍ أو يَدْعُوَ لِأَحَدٍ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَرُبَّمَا قال إذا قال سمع الله لِمَنْ حَمِدَهُ اللهم رَبَّنَا لك الْحَمْدُ اللهم أَنْجِ الْوَلِيدَ بن الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بن هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بن أبي رَبِيعَةَ اللهم أشدد وَطْأَتَكَ على مُضَرَ وَاجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ يَجْهَرُ بِذَلِكَ وكان يقول في بَعْضِ صَلَاتِهِ في صَلَاةِ الْفَجْرِ اللهم الْعَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا لِأَحْيَاءٍ من الْعَرَبِ حتى أَنْزَلَ الله ليس لك من الْأَمْرِ شَيْءٌ الْآيَةَ.
قال في تيسير العزيز الحميد 1/ 205 (ودعا عليهم صلى الله عليه وسلم في الصلاة المكتوبة جهراً وخلفه سادات الأولياء يؤمنون على دعائه ومع هذا كله ما استجاب الله له فيهم بل تاب عليهم).
وإنما نهى الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم عن الدعاء على الكافرين لأن مهمته صلى الله عليه وسلم هي الدعوة والنذارة والبشارة , ولا شك أن الدعاء عليهم مناف لدعوتهم ولا شك أن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة
وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للكافرين بالهداية ومن ذلك ما جاء في صحيح البخاري ج3/ص1282قال عبد اللَّهِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم يَحْكِي نَبِيًّا من الْأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ وهو يَمْسَحُ الدَّمَ عن وَجْهِهِ وَيَقُولُ اللهم اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ.
¥