تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[((اللغات))]

ـ[ابن رجب]ــــــــ[24 - Jan-2008, مساء 07:07]ـ

http://muntada.islamtoday.net/images/icons/icon1.gif (( اللغات))

24/ 1/2008

16/ 1/1429

[((اللغات))]

" كلُّ الأشياء لُغة "

حسن عجمي

اللغة هي الوسيلة التي يُتواصل بها بين أجناس المخلوقات، فلكلٍّ لُغتُه، و لا يفهم أحد لُغة الآخرِ، و من فهمَ لغة غيرِه فمكسبٌ مُربِحٌ.

في تاريخ النشأة للغةِ المنطوقة تنوَّعتْ اللغاتُ بين الناسِ في ذات اللغةِ الواحدة، و قد كانت لغة التواصُل متنوِّعة متمرحلة، فقد كانت أصواتاً بلا حروفٍ، و رموزاً، و إشارات، و كلماتٍ، و لم تقف عند اللفظِ فقد آتتْ مزيداً من التقدُّم.

فاللغةُ العِلمية تواضَع عليها أصحابُ المعارفِ، و اصطلحوا على ألفاظٍ يتعرفون بها على مقاصد فنونهم، فلا يُدرك الغريبُ عن الفنِّ مرادَ أهلِه فيهيم في وادٍ ذي وعورة و خطورة، و لا تلتبس ألفاظُ الاصطلاحِ إلا على الغرباءِ، و صاحبُ الدار يعرف المداخل و المخارج.

درجت اللغةُ العلميةُ في عباراتِ أهل الفنون، و تطورت بتطوِّرِ الفنون، و صارَ لأهل عصرٍ تجديدٌ لُغويٌ، و لأهل قِطرٍ مرادفٌ للفظِ أهل قِطرٍ آخر، فصُيِّرَ اللفظُ في حركة غير ثابتٍ، و في تجديد غير باقٍ على أطلالِ السابق، و لا يقفُ اللفظ إلا حيثُ يقف العقلُ، و العقلُ معطاءٌ إذا استُعطيَ.

هذه اللغةُ العلمية لُغةٌ يُتعامَلُ بها في الفنِّ، فتُفهم مرادات الفنِّ و مقاصده على أساسِ معنى يُريده أربابُ الفنون و المعارف، فبحالِ اتفاقٍ في اللفظِ في فنين يكون الاختلافُ في المعنى اصطلاحاً و لُغة علمية.

و استكشافُ اللغة العلمية مهمٌ في مسيرة التحصيل المعرفي، و على كلِّ والجٍ في فَنٍّ أن يعرفَ من لغته العلمية ما يُقيم صُلْبَ فهمه، فكانت صِناعةُ المعاجمِ العلمية خطوة في تثبيت أُسُسِ اللغةِ العلمية، و بقيَت ساحةً تسابقُ فيها فرسان الفنون، فيستدركُ اللاحقُ فواتَ السابقِ، و تقوم مبادلات الأخذ و الردِّ في اللفظِ، فلم تعُد اللغةُ العلمية في منأىً عن يدِ راغبٍ في إدراكها.

و اللغة العلمية يُسلَك فيها استعمالُ اللغةِ الأمِّ، و العلميةُ كمُتَوَاضَعٍ عليه في الفنِّ و المعرفة يُذكر، فليس فيها ترْكٌ و لا إهمالٌ للغةِ الأم.

و اللغةُ العمليةُ اُصْطُنِعَتْ في مجالات الأعمالِ و الصنائعِ، و هي شبيهةٌ بالفرعِ عن اللغة العلمية إلا أنَّها ضُيِّقَتْ لتكون ممارسةً أكثرَ منها معرفةً، و اللغة العمليةُ هي تلك التي تكون سائدةً في العصرِ بكثرة، و تتخذ مقام السيادة على كلِّ ما عداها في مجال العمل فقط، و غالباً ما تكون صِفةً يتميَّزُ بها كبارُ العاملين، و قد تغدو شرطاً في العملِ يوماً ما لقوة نفوذها في العصرِ، و ليست سيادة اللغة عملياً إلا لكثرةِ الاحتياج إليها دون غيرها.

وصل نفوذ اللغة العملية أن ضُمِّنتْ مُصلحاتها في سياقِ اللغةِ الأمِّ، و أن صارتْ مختصراتها منتشرةً في كلِّ طرْحٍ عملي، و مما تمتازُ به اللغة العملية أنها تأخذ مسلَك الاختصارِ، كاللغة الإنجليزية فهي اللغةُ العملية السائدة اليوم، و نفوذها ليس له حدٌّ من قوته و سَعتِه.

لا يعني استعمال اللغةِ العملية انتماءً لها أو تنازُلاً عن هويةٍ، حيثُ ارتباطها بالعمل أكثر من غيرِه، و في حال مجاوزة استعمالها نطاق العملِ فليست إلا معرفةً محموداً صاحبها، لأن اللغاتِ معارف.

اللغة التواصُليةُ يتمُّ بها التواصُلُ بين أجناسِ الناس، و تختلف باختلافِ الأقاليم و الأنساب فليست مقيَّدة بقانونٍ أو نظامٍ، و غالباً ما يكون للزمنِ تأثيرُه عليها، فيحكمها حالُ الناسِ، لكونها تعبيراً عما يُخالجُ النفسَ، و جمال التعبيرِ في انسيابيته و سهولته، و كانت اللهجاتُ عند العربِ مختلفة باختلافِ قبائلهم و بلدانهم، و هي لهجاتُ الناس و لم يستهجنها أحدٌ من فاقِهِيْ اللغة، و اعتُبِرتْ في اللغةِ، و ليس في اللغةِ التواصلية افتئاتٌ عن اللغة الأم، لأنَّ اللغةَ الأم تعني انتماءً و هويَّةً، و اللغةُ التواصليةُ فرعٌ عنها.

تبدو اللغةُ التواصليةُ في الحديثِ العابرِ بين الناسِ والتي بها تبادُلُ أحوالهم و أخبارهم، و كذلك يبدو في الشعرِ الشعوري و الذي يَخرجُ من قريحة الشاعرِ بباعثِ ما يجده في قلبه من معانٍ فيجد في اللغة التواصلية منفذاً له ليُظهر شعرَه بها، و ليس هو من الشعرِ الخليلي القائم على زِنَةِ بحور الخليل، فلا يكون شعراً صناعياً، و من هذا يبينُ توجيهُ الشعرِ الشعبي العامِّ و الذي ينطقُ بلسانِ الشعوب، فليس فيه خروجٌ عن قانون اللغةِ الأم.

اللغةُ الأمُّ هي مُنْتَمى الشخص، فالشخصُ بلغته، و لغتُه هويتُه، و بقدرِ حفظه عليها يكون ولاؤه، و ليس تجاوزها في أحوالِ الحياةِ تضييعٌ لها و لا استرخاصٌ لقيمتها، فليس في اللغةِ تحجيرٌ و تضييقٌ على ضوء ما ذكرتُ، و على ضوء كونها غَدتْ صناعةً و فناً لها أصولها فتُراعى في الجانب الفني العلمي، و فرقٌ بين الحالين، فلكلِّ زمنٍ لغتُه، و لكلِّ حالٍ لُغتُه، و مراعاة لغة الوقت و الحالِ من فقه الزمن و من حكمة النفس.

عبد الله العُتَيِّق


*
*
*

غائصٌ في بحرٍ عميقٍ .. أُدرِكُ .. و لا أُفْهَم

عبدُ اللهِ العُتَيِّق

" نَفْسٌ تُضيءُ ... و هِمَّةٌ تَتَوَقَّدُ ... "

منقول ..

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير