[ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون]
ـ[محمد الحجي]ــــــــ[02 - Feb-2008, مساء 11:14]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على خير خلق الله وآله وسلم تسليما مزيدا\يقول تعالى مبينا عدواة المشركين وكيدهم ومكرهم ومبارزتهم لله و لرسوله وسعيهم في إطفاء نوره وإخماد كلمته وأن وبال مكرهم يعود عليهم ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله "إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله" أي ليبطلوا الحق وينصروا الباطل ويبطل توحيد الرحمن ويقوم دين عبادة الأوثان " فسينفقونها " أي فسيصدرون هذه النفقة وتخف عليهم لتمسكهم بالباطل وشدة بغضهم للحق ولكنها ستكون " عليهم حسرة ثم يغلبون " أي تكون ندامة وخزي وذل و" يغلبون" فتذهب أموالهم وما أملوا ويعذبون .. انتهى كلام العلامة السعدي ..
قال بعض المفسرين: فكل من أنفق ماله في حرام وفواحش وآثام عوقب بالمصائب المقدمة في الدنيا من أمراض وأوبئة وكدر وتنغيص وفي الآخرة عذاب أليم على فعله ..
قال الإمام الشوكاني: هذا التفات إلى مخاطبة الكفار وتهديدا لهم ومبالغة في إدخال الروعة في قلوبهم " فسينفقونها " سيقع منهم هذا الإنفاق " ثم تكون عليهم " عاقبة ذلك أن يكون إنفاقهم حسرة عليهم وكأن ذات الأموال تنقلب حسرة ثم تصير ندما " ثم " آخر الأمر " يغلبون " كما وعد الله به في قوله " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي "
فهذه الآية 36من سورة الأنفال نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من أعظم غزوة في تاريخ الأمة التي فرق الله فيها بين الحق والباطل وثبت دعائم الدولة المسلمة وأمضى لها سبق التحدي في معترك الحياة التي تعج بالضلال وعبادة الأهواء فاستنارت بمنهج الله القويم الذي فصل لنبيه أحكام الجهاد والغنائم وجاءت في ثناياها بث روح الأمل للأجيال المؤمنة التي تأتي بعد عصر النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة ..
المبشرات القرآنية ووعد الله بإحباط كيد الكافرين، ومكرهم
بالإسلام وأهله، وجهودهم الدائبة لإطفاء نوره، وفي ذلك يقول الله تعالى: {إنهم يكيدون كيدا ? وأكيد كيدا ? فمهل الكافرين أمهلهم رويدا}،: مبشرات قرآنية تتحفك بقصص المرسلين والمؤمنين ومخالفيهم وكيف كان الهلاك والدمار للذين تمردوا على الله وكذبوا المرسلين، ومن ذلك، هذا المشهد القرآني الفريد الذي يبين لنا نهاية فرعون وملائه
يذكر التاريخ لنا في بداية العشرينات من القرن الماضي كيف أن أحد اللوردات البريطانيين وقف في مجلس العموم البريطاني و كانت هذه الجلسة مخصصة للاستماع لمنجزات الحكومة البريطانية في مجال القضاء على المسلمين و تحجيم دورهم، و قف هذا اللورد ورفع نسخة من المصحف و قال: إنكم لن تستطيعوا القضاء عليهم حتى تنزعوا هذا من صدورهم ..
مهما أنفق أعداء الإسلام وأهل البدع من أموال ليصدوا عن الحق ويقتلوا أهله ويطفئوا جذوته فلن يستطيعوا لذلك سبيلا " لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبأس المهاد " وهذه العقيدة مستقرة عند المؤمنين بوعد الله ونصره وعند العقلاء من أهل الملل والنحل الشاهدين بصدق النبي صلى الله عليه وسلم ودينه القويم .. ومهما علا صوت أهل الباطل زمنا فمآله إلى البوار والزوال وتاريخنا الإسلامي يزخر بالحوادث المؤلمة التي كانت امتحانا واختبارا ويقظة للمسلمين وثباتا لهم وخذلانا لغيرهم، وليس قتل أمة أو إغوائها عن دينها نصر حقيقي، إن النصر الحقيقي في مفهومه تمكين الحق في الأرض واعتراف بفضله وأهله من قبل أعدائه استمد الإسلام قوته من عقيدته وعبادته وأخلاقه ومعاملاته من الكتاب والسنة ليقيم حياة الروح والبدن في وئام وطمأنينة لم تفسدها حريات لا لجام لها وقيود لا متنفس فيها، تنفق أموالها القليلة فيبارك لها في إحياء أمم، وتزكي ما تعلمته بذلا وعطاء لأبنائها ليصلوا نحو القمم تبغي في ذرا ريها علماء وقادة صالحين قد يشرق من أرحام الطهر والعفاف شموس تأخذ بأيدي أبنائها وهم في ذروة المحن وفي ذروة إنفاق أهل الضلا ل أموالهم بالباطل للنصر والتمكين .. لا غرابة في ذلك ولا مستبعد على القوي العزيز، ليجدن المستبصر بدين الله عنايات إلهية في غمرة الكرب ومفاجآت ربانية لأعداء الله وهم لا يشعرون، كيف تكون أموالهم عليهم حسرة ثم يغلبون، فإن غابت جذوة الموحدين في الغرب تنامت في الشرق وإن
¥