[مجال إعمال مبدأ مراعاة المآلات]
ـ[يوسف حميتو]ــــــــ[27 - Mar-2008, مساء 08:13]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
المبحث الثاني: مقاصد المكلفين مجال إعمال مبدأ مراعاة المآل
(هذا المبحث جزء من أطروحتي باختصار كثير جدا، لذلك لا عذر أمام الله لمن لا يلتزم الأمانة العلمية) المطلب الأول مقصد دخول المكلف تحت أحكام الشريعة
يقول الإمام الشاطبي: " المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المكلف عن داعية هواه حتى يكون عبدا لله اختيارا كما هو عبد لله اضطرارا ".
نفهم من هذه القولة أن الله لم يخلق العباد إلا للتعبد به سبحانه وتعالى، والدخول تحت أمره ونهيه، ومن هنا نحكم على كل عمل اتُّبِع فيه الهوى بإطلاق ببطلانه بإطلاق لأنه خلاف الحق، فاتباع الهوى طريق إلى المذموم، وإن جاء ضمن المحمود،لأنه إذا تبين أنه مضاد بوضعه لوضع الشريعة بحيث زاحم مقتضى الشريعة في العمل كان مخوفا لأنه سبب تعطيل الأوامر وارتكاب النواهي.
ولأنه إذا اتبع وصار عادة أحدث في النفس وَلَهاً وأُنساً به حتى يسري في كل أعمالها، واتباعه في، ومن اتبع مآلات الهوى في الشرعيات وجد من المفاسد كثيرا.
وعلى هذا الأساس يؤسس الشاطبي: تقسيمه المقاصد الشرعية حيث يقسمها إلى قسمين:
*مقاصد أصلية:
لا حظ فيها للمكلف، وهي الضروريات المعتبرة، وبها قيام مصالح عامة مطلقة، ولا تخص حالا معينا ولا صورة معينة ولا وقتا معينا، وهي تنقسم إلى قسمين: ضرورية عينية واجبة على كل مكلف في نفسه، وضرورية كفائية منوطة بالغير أن يقوم بها على العموم في جميع المكلفين، وبها إذا استقامت تستقيم الأحوال الخاصة، وهي مشروطة بألا يسعى القائم عليها إلى استجلاب مصلحة لنفسه، وعلى هذا المسلك يجري العدل ويصلح النظام.
* مقاصد تابعة:
هي التي للمكلف فيها حظ، وهي كما قال الشيخ دراز: " التسببات المتنوعة التي لا يلزم المكلف أن يأخذ بشيء خاص منها، بل وُكِّلَ إلى اختياره أن يتعلق بما بما يميل إليه وتقوى منته** عليه ".
ومن هذه الجهة يحصل للمكلف مقتضى ما جبل عليه من نيل الشهوات والاستمتاع بالمباحات وسد الخلات وغيرها، وهذه مكملة للمقاصد الأصلية وخادمة لها، لأنها لا تقوم في الخارج إلا بها، فلو عدمت التابعة لم تتحقق الأصلية.
فعلمنا بهذا أن فعل المكلف إذا وافق المقاصد الشرعية الأصلية وراعاها، وقع هذا العمل صحيحا، لأن هذه المقاصد راجعة إما إلى الأمر والنهي، وهي حينئذ طاعة للآمر وامتثال لما أمر، وإما إلى ما فهم من الأمر فهو حينئذ وسيلة وسبب إلى الوصول إلى حاجة المكلف، فهو عمل بمحض العبودية.
فقصد الشارع من المكلف أن يكون قصده في العمل موافقا لقصده في التشريع، إذ الشريعة موضوعة لمصالح العباد على الإطلاق والعموم، والمطلوب من المكلف أن يجري على ذلك في أفعاله، وأن لا يقصد خلاف ما قصد الشارع، ولأن المكلف خلق لعبادة الله، وذلك راجع إلى العمل وفق القصد في وضع الشريعة، لنيل الجزاء في الدنيا والآخرة.
المطلب الثاني: مقاصد المكلفين
بالتأمل يتبين لنا أن مقاصد المكلفين هي بالأساس أهم فرع من فروع المقاصد التي يرتبط بها مبدأ مراعاة المآلات، والمقصود بمقاصد المكلفين الإرادة والباعث الذي يجعل المكلف يتجه بما يصدر عنه إليه.
ومن المقرر عقلا وشرعا أن مقاصد الشارع ليست عبثية، بل إنها تعد أفعال المكلفين وسائل لتحقيق المصالح، على اعتبار " أن الشارع قاصد للمسببات في الأسباب، وذا ثبت هذا لم يكن للناظر بد من اعتبار المسبب وهو مآل السبب "، ومن ثم فإن كل فعل من أفعال المكلف لا بد وأن يرتبط يه حكم من الأحكام الشرعية سواء كان هذا الارتباط واقعا، أو متوقعا.
إذا ثبت هذا عندنا، فإن المكلف ملزم شرعا بأن يوائم فعله ومقصده مع مقصد الشارع، وبما أن الفعل هو مادة النظر المآلي، فمناقضة قصد الشارع إما أن تكون هي هي غاية المكلف بإقدامه على الفعل، وإما أن يفضي فعله إلى مفسدة وإن لم يتحقق قصد المناقضة، والمآل إما مصلحة تستجلب أو مفسدة تدرأ، " فليس للمجتهد بد من اعتبار ه إذن.
¥