تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أقوال الإمامين الشافعي وابن تيمية حول حديث حاطب]

ـ[مطيع باكرمان]ــــــــ[28 - Mar-2008, مساء 10:33]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا مبحث لطيف لشيخنا الفاضل أبي مجاهد حفظه الله فيما يتعلق بأقوال الإمامين الشافعي وابن تيمية رحمهما الله لعله أن يزيل بعض الإشكالات فيما يتعلق بحديث حاطب رضي الله عنه

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد،

فإن حديث حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه في مكاتبته للمشركين يعد ركيزة من ركائز بيان (الولاء والبراء)، ذلك أنه حديث متواتر مقطوع بصحته عن الرسول e وهو كذلك بيّن واضح في ألفاظه ثم إنه يبين كيف يكون التعامل حكماً وقضاء مع الذين تقع منهم موالاة للعدو وهم في دار الإسلام وصف المسلمين ومعسكر الموحدين، والحديث قد تناوله علماء الأمة بالشرح والبيان في كتبهم على اختلاف مواضيعها في العقيدة والتفسير والحديث والفقه والسيرة والتاريخ، غير أن شُذَّاذاً من الناس اليوم أخذوا يفسرون الحديث على غير تفسيره، ويؤولونه على غير تأويله؛ ليطّرد مسلكهم و أصلهم الذي أصلوه في الموالاة، وهو أن كل إعانة للكفار على المسلمين كفر مخرج من الملة، ولو كانت إعانة من أجل الدنيا ممن هو في صف المؤمنين، فأحببت أن أجمع ابتداء بعض أقوال أهل العلم في بيان بعض دلالات حديث حاطب رضي الله عنه مع شيء من التعليق عليها ليتدبرها من أحب الإنصاف ويتأملها طلاب الحقائق - استعجالاً للإفادة - حتى ييسر الله عز وجل لنا نظمها في سلك واحد لتكون عقداً جميلاً نهديه لشباب الصحوة الإسلامية، وطلاب علم الشريعة، والله الموفق وحده إلى ما يحبه ويرضاه.

أبو مجاهد صالح بن محمد باكرمان

أولاً: الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:

قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في كتابه العظيم (الأم) ():

[المسلم يدل المشركين على عورة المسلمين:

قيل للشافعي: أ رأيت المسلم يكتب إلى المشركين من أهل الحرب بـ: أن المسلمين يريدون غزوهم. أو بالعورة من عوراتهم. هل يحل ذلك دمه ويكون في ذلك دلالة على ممالأة المشركين؟.

قال الشافعي رحمه الله تعالى: لا يحل دم من ثبتت له حرمة الإسلام إلا: أن يقتل. أو يزنى بعد إحصان. أو يكفر كفراً بيِّناً بعد إيمان ثم يثبت على الكفر.

وليس الدلالة على عورة مسلم، ولا تأييد كافر بأن يحذر أن المسلمين يريدون منه غرة ليحذرها أو يتقدم في نكاية المسلمين بكفر بيِّن].

التعليق:

أ - العورة في اللغة ما يجب حفظه وستره والمراد هنا السر من أسرار المسلمين.

ب - الكفر البيّن:هو الواضح الذي لاشك فيه ولا احتمال.

ج - اشترط لقتل المرتد الثبات على الردة، إذ الأصل أن أحكام الردة لاتُنزّل على الردة العارضة التي يتوب منها صاحبها.

د -[ليس الدلالة على عورة المسلم، ولا تأييد كافر بأن يحذر أن المسلمين يريدون منه غرة ليحذرها أو يتقدم في نكاية المسلمين بكفر بيِّن] لأن هذه الأفعال بمجردها - لمن هو في صف المسلمين - ليست بكفر مخرج من الملة، فغايتها أن تكون إعانة على قتل المسلمين والفتك بهم،وقتل المسلمين والفتك بهم مجرداً عن الاستحلال وعن محبة انتصار المشركين ليسا من الكفر الأكبر المخرج من الملة؛ بل هما من كبائر الذنوب وعظائم المعاصي، لكن دون الشرك الأكبر

ولما كانت هذه الأفعال يحتمل أن تفعل بقصد محبة انتصار الكفار على المسلمين احتملت أن تكون كفراً أكبر بهذا الشرط؛ لذلك لم تكن بالكفر البيّن؛ فإذا تبيّن أن التجسس للمشركين على المسلمين ليس بكفر بيّن، وهو قطعاً ليس بزناً ولا قتل والرسول e إنما أحل دم هؤلاء الثلاثة علم أنه معصوم الدم ولا يجوز قتله. فالشافعي رحمه الله تعالى لم يحكم بإسلام الجاسوس الذي يتجسس للمشركين على المسلمين فحسب؛ بل لم يُجِزْ قتله إذا لم يكن قاتلاً. وإن كانت مسألة قتله مسألة خلافية.

ثم روى الإمام الشافعي رحمه الله تعالى قصة حاطب رضي الله عنه من رواية علي بن أبي طالب رضي الله عنه, وذكر بعض دلالاتها فقال:

[فقلت للشافعي: أقلت هذا خبراً أم قياساً؟

قال: قلته ـ بما لا يسع مسلماً عَلِمه عندي أن يخالفه ـ بالسنة المنصوصة، بعد الاستدلال بالكتاب.

فقيل للشافعي: فاذكر السنة فيه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير