تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تصحيح العقائد السلفية .. هل أصحاب المعلقات كفار .. (4) رفع الإيهام عن كلام شيخ الإسلام]

ـ[عيد فهمي]ــــــــ[10 - Apr-2008, مساء 06:31]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على محمد عبده المصطفى، وآله وأصحابه المستكملين الشرفا

أما بعد

فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (ج13/ص207)

((ولهذا لما استولى التتار على بغداد وكان الطوسى منجما لهولاكو استولى على كتب الناس الوقف والملك فكان كتب الاسلام مثل التفسير والحديث والفقه والرقائق يعدمها وأخذ كتب الطب والنجوم والفلسفة والعربية فهذه عنده هى الكتب المعظمة وكان بعض من أعرفه قارئا خطيبا لكن كان يعظم هؤلاء ويرتاض رياضة فلسفية سحرية حتى يستخدم الجن وكان بعض الشياطين القى اليه أن هؤلاء يستولون على دار الاسلام فكان يقول لبعض أصحابنا يا فلان عن قليل يرى هذا الجامع جامع دمشق يقرأ فيه المنطق والطبيعى والرياضى والالهى ثم يرضيه فيقول والعربية أيضا والعربية انما احتاج المسلمون اليها لأجل خطاب الرسول بها فاذا أعرض عن الأصل كان أهل العربية بمنزلة شعراء الجاهلية أصحاب المعلقات السبع ونحوهم من حطب النار))

قلت: وأصحاب المعلقات السبع هم:

امرؤ القيس، طرفة بن العبد، عمرو بن أم كلثوم، زهير بن أبي سلمى، لبيد بن ربيعة، عنترة بن أبي شداد، الحارث بن حلزة اليشكري

هذا هو المشهور وعدّهم أبو عبيدة وتبعه المفضل فجعلوهما:

امرؤ القيس، طرفة بن العبد، عمرو بن أم كلثوم، زهير بن أبي سلمى، لبيد بن ربيعة، النابغة الذبياني، أبو بصير الأعشى

وأيًّا ما كان الأمر فإن من المتفق عليه أن أحد أصحاب المعلقات السبعة هو: لبيد بن ربيعة

فمَن هو لبيد بن ربيعة؟

قلت: هو لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ويكنى أبا عقيل قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وحسن إسلامه ورجع إلى بلاد قومه ثم هاجر إلى الكوفة فنزلها ومعه بنون له ومات بها ليلة نزل معاوية النخيلة لمصالحة الحسن بن علي رحمهما الله ودفن في صحراء بني جعفر بن كلاب، ولما كتب عمر الى عامله بالكوفة سل لبيدا والأغلب العجلي ما احدثا من الشعر في الإسلام فقال لبيد: أبدلني الله بالشعر سورة البقرة وآل عمران فزاد عمر في عطائه وقال الإمام مالك: عاش لبيد مائة وستين سنة

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد ألا كل شيء ما خلا الله باطل

هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة انها قالت رحم الله لبيدا حيث يقول:

ذهب الذين يعاش في اكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الاجرب

قالت عائشة فكيف لو أدرك زماننا هذا

قال عروة رحم الله عائشة كيف لو أدركت زماننا هذا

قال هشام رحم الله عروة كيف لو أدرك زماننا

واتصلت السلسة هكذا، فهو من الأحاديث المسلسلة التي تحمّلناها عن مشايخنا

والمقصود مما ذكرته أن أن لبيد بن ربيعة هو أحد أصحاب المعلّقات السبع اتفاقا وهو مع ذلك صحابي أسلم في عهد النبي وحسُن إسلامه، فإطلاق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله القول: (كان أهل العربية بمنزلة شعراء الجاهلية أصحاب المعلقات السبع ونحوهم من حطب النار) موهم أن لبيد من جملة حطب النار

ولا شك أن شيخ الإسلام رحمه الله لم يقصد ذلك ولا استحضره حين كتب ما كتبه، لكن وجب التنبيه لتصحيح الفهم عند من تعوّدوا أن يأخذوا كلام أهل العلم على ظاهره بغير تدقيق، ولعل أحدهم لم يقرأ سيرة لبيد بن ربيعة قط، ولا علم شيئا عن حياته، فيسمع من يذكره في أصحاب المعلقات السبع فيقول: لقد قال شيخ الإسلام إنهم في النار.

بل ولعله لو نبهه أحد إلى أن لبيد لا يجوز إدخاله في هذا العموم، فلعله يقول: هل أنتَ أعلم من شيخ الإسلام؟

قد يقول قائل: فما معن تسميتك لذلك: تصحيح العقائد السلفية؟

وما الخطأ في عقيدة شيخ الإسلام حتى تصححه؟

فأقول له: قد نبهت أن مقصود بـ ((تصحيح العقائد السلفية)) أي:

((تصحيح)) الخطأ الذي قد يقع في مسائل ((العقائد)) الناشئ عن خطأ في فهم كلام السلف أو إضفاء القدسية عليه ومضاهاته بكلام الله ورسوله الواقع من بعض المنتسبين إلى ((السلفية))

فلا هو تصحيح لعقيدة السلف التي لا تشوبها شائبة أبدا.

ولا هو تصحيح لمعتقد قوم حملوا راية العقيدة الصحيحة في عصورهم حتى توفاهم الله على ذلك.

ولا مشاحّة في الاصطلاح ما دام المعنى مفهوم

وأخيرا

رحم الله شيخ الإسلام، أفرط قوم في بغضه حتى رموه بالكفر، وأفرط قوم في حبه حتى وصفوه بالعصمة.

وهو بين هؤلاء وأولئك إمام من أئمة الهدى وعَلَم من أعلام الإسلام ليس يمعصوم ولكنه كالبحر لا يحمل خبث أبدا.

فما أحوجه إلى من ينهج نهجه بعلم وبصيرة، لا من يتكلم بكلامه تقليدا بغير علم ولا بصيرة.

اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

وكتبه

عيد بن فهمي بن محمد بن علي الحسيني

عفا الله عنه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير