تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تبصير العابد بجواز مكث الحائض في المساجد]

ـ[ربيع أحمد السلفي]ــــــــ[29 - Apr-2008, صباحاً 11:29]ـ

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن الباعث على كتابة هذه الكلمة هو إعلام عامة المسلمين بترجيح قول من جوز مكث الحائض في المسجد،وهو قول المزني صاحب الإمام الشافعي وقول الإمام داود وابن حزم الظاهريان، و في رواية عن أحمد.

وسبب ترجيح قولهم هو عدم وجود نص صحيح صريح في حرمة مكث الحائض في المسجد،وأدلة جمهور العلماء إما صحيحة غير صريحة أو صريحة غير صحيحة

فقد استدل الجمهور بقوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً ? (النساء: 43) فقالوا لا تجوز صلاة الجنب إجماعاً وقوله? إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ ? يقصد بها من يمر مرور الكرام من المسجد فله ذلك والحائض أغلظ من الجنب فمنعها من المكث في المسجد من باب أولى،ويرد على الجمهور بأن المراد الصلاة ذاتها لا المسجد فيكون المعنى: ولا تقربوا الصلاة جنباً إلا بعد أن تغتسلوا إلا فى حال السفر فصلوا بالتيمم،ولذا قال تعالى بعدها: ?وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ? فقوله تعالى: ? لا تَقْرَبُوا الصلاةَ ? المراد بها الصلاة ذاتها، و ليس موضع الصلاة , و الأرض إنما هي مسجد إلا القبر والحمام , والقول بأن المقصود موضع الصلاة خلاف الأصل،وإذا تطرق إلى الدليل الاحتمال سقط به الاستدلال فبقى الحكم على البراءة الأصلية.

ويؤيد هذا ما رواه البخاري من مكث أهل الصفّة في المسجد و لا شك أنهم كانوا يجنبون، وأن ابن عمر كان ينام و هو شاب أعزب لا زوج له في المسجد النبوي،واستدل الجمهور بما رويَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب)،وهذا الحديث غير صحيح فمدار الحديث على جُسرة، وهى لا تحتمل التفرد، وممن ضعفه الخطابي و البيهقي وعبد الحق الإشبيلي و ابن حزم والنووي والألباني (انظر المحلى لابن حزم 1/ 401، إرواء الغليل للألباني حديث رقم 193)

واستدل الجمهور بما رواه مسلم أن عائشة قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " ناوليني الخمرة من المسجد " قالت: فقلت: إني حائض. فقال: "إن حيضتك ليست في يدك " قالوا هذا الحديث يدل على أن المتقرر عند عائشة أن الحائض ممنوعة من دخول المسجد،ولذلك اعتذرت عن تنفيذ الأمر لكونها حائضاً. و أنه صلى الله عليه وسلم أقرها على هذا الاعتذار،وإنما بين لها أن الحيضة ليست في اليد فمجرد إدخال اليد في المسجد لا يدخل في النهي،ويرد عليهم تحرج عائشة إنما هو من مسك الخمرة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: " إن حيضتك ليست في يدك "، وسياق الحديث يدل عليه وليس التحرج من دخول المسجد،ولو كان في الحديث احتمال ما قالوا فالقاعدة إذا تطرق إلى الدليل الاحتمال سقط به الاستدلال.

واستدل الجمهور بأمر النبي صلى الله عليه وسلم اعتزال الحيض عن مصلى النساء قالوا إذا منع صلى الله عليه وسلم الحائض من دخول المصلى فمنعها من دخول المسجد أقوى؛ لأن حرمة المسجد أشد توقيراً وتعظيماً من حرمة المصلى،ويرد عليهم بأن المقصود من اعتزال المصلى اعتزال الصلاة،بدليل رواية مسلم فأما الحيض فيعتزلن الصلاة، واستدل الجمهوربما رواه البخاري أنه صلى الله عليه وسلم فى الاعتكاف كان يخرج رأسه من المسجد، فترجل رأسه عائشة،وهى حائض فلو كان دخولها المسجد جائزا لكان هذا أيسر عليه صلى الله عليه وسلم لاسيما وهو معتكف فلا يلجأ أن يخرج رأسه وهو معتكف ومعلوم أن المعتكف لا يجوز أن يخرج من المسجد وإلا بطل اعتكافه، وأيضاً لا ينبغي له أن يخرج جزءا من أجزاءه خارج المسجد،ويرد عليهم بأن الحديث ليس صريحاً فى منع الحائض من دخول المسجد فهو مجرد فعل غاية ما فيه جواز إخراج المعتكف رأسه من المسجد ليغسله أهله، و قد يكون عدم دخولها لعلة أخرى غير الحيض كأن يكون بالمسجد رجال ونحو ذلك، وإن احتمل الحديث قولهم فمن المقرر في الأصول أنه إذا تطرق إلى الدليل الاحتمال سقط به الاستدلال

و قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة لما جاءها الحيض و هي في الحج " ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم , فافعلي ما يفعله الحاج غير ألا تطوفي بالبيت " رواه البخاري فمنع النبي صلى الله عليه وسلم عائشة الطواف بالبيت فقط،و لم يمنعها من بقية المناسك و العبادات للحاج مثل قراءة القرآن و المكث في المسجد لذكر الله , فلو كان مكوثها في المسجد ممنوعا لبين لها صلى الله عليه وسلم ذلك

وأخرج ابن منصور فى سننه بإسناد حسن أن بعض الصحابة كانوا يجنبون و يجلسون في المسجد وهم على وضوء فقط فيجوز إذاً من غير وضوء؛ لأن الوضوء لا يرفع الحدث الأكبر هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وكتب ربيع أحمد طب عين شمس الجمعة 26/ 1/ 2007 م

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير