تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الإجازة الصيفية، يا ترى بماذا ستُقضى؟؟ لابن عثيمين

ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[13 - Jul-2008, مساء 10:34]ـ

الإجازة الصيفية، يا ترى بماذا ستُقضى؟؟ لابن عثيمين رحمه الله

الخطبة الأولى:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الذي بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وأسأل الله أن يحشرني وإياكم في زمرته يوم يقوم الناس لرب العالمين.

أما بعد:

فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعرفوا قدر الأوقات التي هي خزائن أعمالكم، بادروها بالأعمال الصالحة قبل فوات الأوان وانصرام الزمان، إن كل يوم، بل كل ساعة، بل كل دقيقة، بل كل لحظة تمر بكم فلن ترجع إليكم، وإن كل يوم وساعة ودقيقة ولحظة تمر بكم فإنها قصر في أعماركم ودنو لآجالكم، فانتبهوا عباد الله لهذه الحقيقة، فما هي إلا سويعات ولحظات، ثم إذا بكم قد حلَّ بكم المنون وندمتم على ما فرطتم من الأعمال الصالحة في الأوقات التي يمكنكم أن تعملوا بها صالحاً، إن هذه الحقيقة يغفل عنها كثيرٌ من الناس فانتبهوا لها.

أيها الناس، إن المعلمين منا والمتعلمين يستقبلون في هذه الأيام إجازة السنة الدراسية والإجازة الصيفية، فيا ترى بماذا ستُقضى هذه الإجازة؟

إن من الناس من يقضيها في بلده لا يغادرها في رحلات ولا أسفار، ولكن يتفرغ لأعماله الخاصة، وإني أوجه الخطاب لهؤلاء أن يحرصوا على أن تكون إجازتهم إجازة عمل بنَّاء، إجازة عمل نافع، إجازة تحصيل للمصالح الدنيوية إما في مراجعة علوم يودون التخصص فيها، وإما في اجتماع على درس ثقافة عامة، وإما في الحضور إلى المكتبات للاستزادة من العلم، وإما في اشتغال بمصالح دنيوية مع أوليائهم في حراثة أو تجارة أو غير ذلك،

وإن من الناس من يقضي الإجازة بالسفر إلى مكة والمدينة ونِعم السفر هذا، يذهبون إلى مكة والمدينة للعمرة والصلاة في المسجد الحرام والصلاة في المسجد النبوي، وزيارة قبر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بعد الصلاة في المسجد هذا من أفضل الأعمال، فإن النفقة فيه مخلوفة، والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والصلاة في المسجد الحرام؛ المسجد الذي فيه الكعبة أفضل من مائة ألف صلاة، وإنما يختص هذا الفضل في المسجد الذي فيه الكعبة دون غيره من مساجد مكة وبقاعها؛ لأن الله - تبارك وتعالى - قال: ?سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى? [الإسراء: 1]، وقد أُسرى بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من الحِّجر؛ الذي هو جزء من الكعبة، وفي صحيح مسلم عن ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول عن المسجد النبوي: "الصَّلاَةُ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ" (1)، ومن المعلوم أن مسجد الكعبة هو البناية المحيطة بها، أي: المسجد الذي يسميه الناس الحرم، أما مساجد مكة وجميع ما كان داخل أميال مكة فإنه لا شك أن الصلاة فيه أفضل من الصلاة في الحل؛ ولهذا لما نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - الحديبية وبعضها حل وبعضها حرم كان نازلاً في الحِل ولكنه عند الصلاة يدخل إلى الحرم، أي: إلى داخل حدود الحرم، إنني أوجه الخطاب إلى هؤلاء الذين يتوجهون إلى مكة والمدينة أن يخلصوا النية لله عز وجل، وأن يحرصوا على تطبيق سُنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، وأن يتبعوا هَدْيَه، فإن العبادة لن تكون صحيحة ولن تكون مقبولة حتى تُبنى على هذين الأساسين: الإخلاص لله عز وجل، والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فليحرصوا على الصلاة في أوقاتها، يصلونها قصراً من حين الخروج من بلدهم إلى أن يرجعوا إليه ولو طالت المدة إلا أن يُصلوا خلف إمام يُتِم الصلاة، فإنه يلزمهم الإتمام تبعاً لإمامهم، سواء أدركوا الصلاة معه من أولها أم من أثنائها؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير