الْمِشْيَاتُ عَشَرَةُ أَنْوَاعٍ، لابن القيم
ـ[أبو الخطاب فؤاد السنحاني]ــــــــ[15 - Sep-2008, صباحاً 05:23]ـ
وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ [/ SIZE] }
قال ابن كثير رحمه الله أي: امش مشيًا مقتصدا ليس بالبطيء المتثبط، ولا بالسريع المفرط، بل عدلا وسطًا بين بين، {قال عطاء: امش بالوقار والسَّكينة}. {قال ابن جبير: لا تختل في مشيتك}
و قوله: (يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا)
فيه أربعة أقاويل عن الحسن قال: علماء حلماء لا يجهلون. لثاني: أعفاء أتقياء، قاله الضحاك. الثالث: بالسكينة والوقار، قاله مجاهد. الرابع: متواضعين لا يتكبرون، قاله ابن زيد.
قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي زَادِ الْمَعَادِ:
الْمِشْيَاتُ عَشَرَةُ أَنْوَاعٍ،
(الْأَوَّلُ): أَحْسَنُهَا وَأَسْكَنُهَاوهي مِشْيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا مَشَى تَكَفَّأَ تَكَفُّؤًا كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ} قال الألباني:
صحيح مختصر الشمائل (40) وَقَالَ مَرَّةً: {إذَا مَشَى تَقَلَّعَ}، وَالتَّقَلُّعُ الِارْتِفَاعُ مِنْ الْأَرْضِ بِجُمْلَتِهِ كَحَالِ الْمُنْحَطِّ فِي الصَّبَبِ، يَعْنِي يَرْفَعُ رِجْلَيْهِ مِنْ الْأَرْضِ رَفْعًا بَائِنًا بِقُوَّةٍ، وَالتَّكَفُّؤُ التَّمَايُلُ إلَى قُدَّامَ، كَمَا تَتَكَفَّأُ السَّفِينَةُ فِي جَرْيِهَا، وَهُوَ أَعْدَلُ الْمِشْيَاتِ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: {مَا رَأَيْت أَحَدًا أَسْرَعَ مِشْيَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَأَنَّمَا الْأَرْضُ تُطْوَى لَهُ، كُنَّا إذَا مَشِينَا مَعَهُ نُجْهِدُ أَنْفُسَنَا، وَإِنَّهُ لَغَيْرُ مُكْتَرِثٍ} رواهَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا مَشَى مَشَى مُجْتَمِعًا لَيْسَ فِيهِ كَسَلٌ} رَوَاه الْإِمَامُ أَحْمَدُ قال الالباني: سنده صحيح.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَزَادَ: {وَإِذَا مَشَى لَكَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صُعُدٍ} وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْهُ: {كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا
مَشَى تَقَطَّعَ كَأَنَّمَا يَنْحَدِرُ مِنْ صَبَبٍ}.
فَدَلَّتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَأَمْثَالُهَا مِمَّا لَمْ نَذْكُرْ أَنَّ مِشْيَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَكُنْ بِمُمَاتَةٍ وَلَا بِمُهَانَةٍ، وَالصَّبَبُ: الْمَوْضِعُ الْمُنْحَدِرُ مِنْ الْأَرْضِ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى سُرْعَةِ مَشْيِهِ؛ لِأَنَّ الْمُنْحَدِرَ لَا يَكَادُ يَثْبُتُ فِي مَشْيِهِ، وَالتَّقَطُّعُ الِانْحِدَارُ مِنْ الصَّبَبِ، وَالتَّقَطُّعُ مِنْ الْأَرْضِ قَرِيبٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ. يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ يَسْتَعْمِلُ التَّثَبُّتَ وَلَا يُبَيَّنُ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اسْتِعْجَالٌ وَمُبَادَرَةٌ شَدِيدَةٌ، وَأَرَادَ بِهِ قُوَّةَ الْمَشْيِ، وَأَنَّهُ يَرْفَعُ رِجْلَيْهِ مِنْ الْأَرْضِ رَفْعًا قَوِيًّا لَا كَمَنْ يَمْشِي اخْتِيَالًا وَيُقَارِبُ خَطْوَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ مَشْيِ النِّسَاءِ. فَأَعْدَلُ الْمِشْيَاتِ مِشْيَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ الْمَاشِيَ إنْ كَانَ يَتَمَاوَتُ فِي مِشْيَتِهِ وَيَمْشِي قِطْعَةً وَاحِدَةً كَأَنَّهُ خَشَبَةٌ مَحْمُولَةٌ فَمِشْيَةٌ قَبِيحَةٌ مَذْمُومَةٌ.
وقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ:
الثَّانِيَةُ مِنْ الْمِشْيَاتِ: أَنْ يَمْشِيَ بِانْزِعَاجٍ وَاضْطِرَابٍ، مَشْيَ الْجَمَلِ الْأَهْوَجِ، وَهِيَ مَذْمُومَةٌ أَيْضًا، وَهِيَ عَلَامَةٌ عَلَى خِفَّةِ عَقْلِ صَاحِبِهَا، وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ يَمِينًا وَشِمَالًا.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يَمْشِيَ هَوْنًا وَهِيَ مِشْيَةُ عِبَادِ الرَّحْمَنِ. الرَّابِعَةُ: السَّعْيُ
قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ السَّلَفِ: بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ مِنْ غَيْرِ كِبْرٍ وَلَا تَمَاوُتٍ، وَهِيَ مِشْيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
. الْخَامِسَةُ: الرَّمَلُ وَتُسَمَّى الْخَبَبَ، وَهِيَ إسْرَاعُ الْمَشْيِ مَعَ تَقَارُبِ الْخُطَا بِخِلَافِ السَّعْيِ.
السَّادِسَةُ: السَّيَلَانُ، وَهُوَ الْعَدْوُ الْخَفِيفُ بِلَا انْزِعَاجٍ. السَّابِعَةُ: لْخَوْزَلَى، وَهِيَ مِشْيَةٌ فِيهَا تَكَبُّرٌ وَتَخَنُّثٌ.
الثَّامِنَةُ: الْقَهْقَرَى وَهِيَ الْمَشْيُ إلَى وَرَائِهِ. التَّاسِعَةُ: الْجَمَزَى يَثِبُ فِيهَا وَثْبًا.
الْعَاشِرَةُ: التَّمَايُلُ كَمِشْيَةِ النِّسْوَانِ. وَإِذَا مَشَى بِهَا الرَّجُلُ كَانَ مُتَبَخْتِرًا. وَأَعْلَاهَا مِشْيَةُ الْهَوْنِ وَالتَّكَفُّؤِ انْتَهَى. [/ SIZE]