تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ما هو ضابط التفريق بين عذر المخطئ في المسائل القطعية والظنية؟.]

ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[21 - Oct-2008, صباحاً 10:36]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخواني الكرام

هذا كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يتكلم فيه عن ضابط التفريق بين الخطأ في المسائل القطعية أو الظنية ونريد من الأخوان أن يشاركوا في توضيح هذه المسألة الشرعية الهامة وجزاكم الله خيراً

يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: (إن الناس قد تكلموا في تصويب المجتهدين وتخطئتهم وتأثيمهم وعدم تأثيمهم في مسائل الفروع والأصول، ونحن نذكر أصولاً جامعة نافعة ..

إلى أن قال: والفرق بين مسائل الفروع والأصول إنما هو من أقوال أهل البدع من أهل الكلام والمعتزلة والجهمية ومن سلك سبيلهم، وانتقل هذا القول إلى أقوام تكلموا بذلك في أصول الفقه، ولم يعرفوا حقيقة هذا القول ولا غوره ... والفرق بين ذلك في مسائل الأصول والفروع، كما أنها محدثة في الإسلام لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا إجماع، بل ولا قالها أحد من السلف والأئمة، فهي باطلة عقلاً. فإن المفرقين بين ما جعلوه مسائل أصول ومسائل فروع لم يفرقوا بينهما بفرق صحيح يميز بين النوعين، بل ذكروا ثلاثة فروق أو أربعة كلها باطلة.

فمنهم من قال: مسائل الأصول هي العلمية الإعتقادية التي يطلب فيها العلم والإعتقاد فقط، ومسائل الفروع هي العملية التي يطلب فيها العمل. وهذا فرق باطل؛ فإن المسائل العملية فيها ما يكفر جاحده، مثل: وجوب الصلوات الخمس والزكاة وصوم شهر رمضان وتحريم الزنا والربا والظلم والفواحش؛ وفي المسائل العلمية ما لا يأثم المتنازعون فيه، كتنازع الصحابة: هل رأي محمد ربه؟ وكتنازعهم في بعض النصوص: هل قاله النبي صلى الله عليه وسلم، أم لا؟، وما أراد بمعناه؟، وكتنازعهم في بعض الكلمات: هل هي من القرآن، أم لا؟. وكتنازعهم في بعض معاني القرآن والسنة: هل أراد الله ورسوله كذا وكذا؟، وكتنازع الناس في دقيق الكلام، كمسألة الجَوْهَر الفَرْد وتماثل الأجسام وبقاء الأعراض، ونحو ذلك، فليس في هذا تكفير ولا تفسيق.

والمسائل العملية فيها عمل وعلم، فإذا كان الخطأ مغفورًا فيها، فالتي فيها علم بلا عمل أولي أن يكون الخطأ فيها مغفورًا ...

ومنهم من قال: المسائل الأصولية هي ما كان عليها دليل قطعي، والفرعية ما ليس عليها دليل قطعي ... وهذا الفرق خطأ أيضًا فإن كثيرًا من المسائل العملية عليها أدلة قطعية عند من عرفها وغيرهم لم يعرفها، وفيها ما هو قطعي بالإجماع، كتحريم المحرمات ووجوب الواجبات الظاهرة، ثم لو أنكرها الرجل بجهل وتأويل لم يكفر حتي تقام عليه الحجة، كما أن جماعة استحلوا شرب الخمر على عهد عمر منهم قُدَامَة، ورأوا أنها حلال لهم، ولم تكفرهم الصحابة حتي بينوا لهم خطأهم فتابوا ورجعوا .. وقول الله تعالى في القرآن: " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا و أخطأنا " سورة البقرة الآية:286، قال الله تعالى: قد فعلت؛ ولم يفرق بين الخطأ القطعي في مسألة قطعية أو ظنية. والظني ما لا يجزم بأنه خطأ إلا إذا كان أخطأ قطعًا، قالوا: فمن قال: إن المخطئ في مسألة قطعية أو ظنية يأثم، فقد خالف الكتاب والسنة والإجماع القديم ..

وأيضًا فكون المسألة قطعية أو ظنية هو أمر إضافي بحسب حال المعتقدين ليس هو وصفًا للقول في نفسه؛ فإن الإنسان قد يقطع بأشياء علمها بالضرورة، أو بالنقل المعلوم صدقه عنده، وغيره لا يعرف ذلك، لا قطعًا ولا ظنًا، وقد يكون الإنسان ذكيًا، قوي الذهن، سريع الإدراك، فيعرف من الحق، ويقطع به ما لا يتصوره غيره ولا يعرفه، لا علمًا ولا ظنًا؛ فالقطع والظن يكون بحسب ما وصل إلى الإنسان من الأدلة، وبحسب قدرته على الاستدلال، والناس يختلفون في هذا وهذا، فكون المسألة قطعية أو ظنية ليس هو صفة ملازمة للقول المتنازع فيه، حتي يقال: كل من خالفه قد خالف القطعي، بل هو صفة لحال الناظر المستدل المعتقد، وهذا مما يختلف فيه الناس، فعلم أن هذا الفرق لا يطرد ولا ينعكس.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير