[قاعدة في الإتباع والتقليد]
ـ[القضاعي]ــــــــ[02 - Nov-2008, مساء 02:11]ـ
قال شيخ الإسلام (مجموع الفتاوى 20/ 212 - 213):
وَالِاجْتِهَادُ لَيْسَ هُوَ أَمْرًا وَاحِدًا لَا يَقْبَلُ التجزي وَالِانْقِسَامَ بَلْ قَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ مُجْتَهِدًا فِي فَنٍّ أَوْ بَابٍ أَوْ مَسْأَلَةٍ دُونَ فَنٍّ وَبَابٍ وَمَسْأَلَةٍ وَكُلُّ أَحَدٍ فَاجْتِهَادُهُ بِحَسَبِ وُسْعِهِ فَمَنْ نَظَرَ فِي مَسْأَلَةٍ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا وَرَأَى مَعَ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ نُصُوصًا لَمْ يَعْلَمْ لَهَا مُعَارِضًا بَعْدَ نَظَرِ مِثْلِهِ فَهُوَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ:
- إمَّا أَنْ يَتَّبِعَ قَوْلَ الْقَائِلِ الْآخَرِ لِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ الْإِمَامَ الَّذِي اشْتَغَلَ عَلَى مَذْهَبِهِ؛ وَمِثْلُ هَذَا لَيْسَ بِحُجَّةِ شَرْعِيَّةٍ بَلْ مُجَرَّدُ عَادَةٍ يُعَارِضُهَا عَادَةُ غَيْرِهِ وَاشْتِغَالٌ عَلَى مَذْهَبِ إمَامٍ آخَرَ.
- وَإِمَّا أَنْ يَتَّبِعَ الْقَوْلَ الَّذِي تَرَجَّحَ فِي نَظَرِهِ بِالنُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ مُوَافَقَتُهُ لِإِمَامِ يُقَاوِمُ ذَلِكَ الْإِمَامَ وَتَبْقَى النُّصُوصُ سَالِمَةً فِي حَقِّهِ عَنْ الْمُعَارِضِ بِالْعَمَلِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي يَصْلُحُ.
وَإِنَّمَا تَنَزَّلْنَا هَذَا التَّنَزُّلَ لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّ نَظَرَ هَذَا قَاصِرٌ وَلَيْسَ اجْتِهَادُهُ قَائِمًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِضَعْفِ آلَةِ الِاجْتِهَادِ فِي حَقِّهِ. أَمَّا إذَا قَدَرَ عَلَى الِاجْتِهَادِ التَّامِّ الَّذِي يَعْتَقِدُ مَعَهُ أَنَّ الْقَوْلَ الْآخَرَ لَيْسَ مَعَهُ مَا يَدْفَعُ بِهِ النَّصَّ فَهَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ اتِّبَاعُ النُّصُوصِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَانَ مُتَّبِعًا لِلظَّنِّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَكَانَ مَنْ أَكْبَرِ الْعُصَاةِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ بِخِلَافِ مَنْ يَقُولُ: قَدْ يَكُونُ لِلْقَوْلِ الْآخَرِ حُجَّةٌ رَاجِحَةٌ عَلَى هَذَا النَّصِّ وَأَنَا لَا أَعْلَمُهَا فَهَذَا يُقَالُ لَهُ: قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وَاَلَّذِي تَسْتَطِيعُهُ مِنْ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَدْ دَلَّكَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الرَّاجِحُ فَعَلَيْك أَنْ تَتَّبِعَ ذَلِكَ ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ لَك فِيمَا بَعْدُ أَنَّ لِلنَّصِّ مُعَارِضًا رَاجِحًا كَانَ حُكْمُك فِي ذَلِكَ حُكْمَ الْمُجْتَهِدِ الْمُسْتَقِلِّ إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ وَانْتِقَالُ الْإِنْسَانِ مِنْ قَوْلٍ إلَى قَوْلٍ لِأَجْلِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ مِنْ الْحَقِّ هُوَ مَحْمُودٌ فِيهِ بِخِلَافِ إصْرَارِهِ عَلَى قَوْلٍ لَا حُجَّةَ مَعَهُ عَلَيْهِ وَتَرْكُ الْقَوْلِ الَّذِي وَضَحَتْ حُجَّتُهُ أَوْ الِانْتِقَالُ عَنْ قَوْلٍ إلَى قَوْلٍ لِمُجَرَّدِ عَادَةٍ وَاتِّبَاعِ هَوًى فَهَذَا مَذْمُومٌ.انتهى
ـ[أبو العباس الأثري]ــــــــ[03 - Nov-2008, صباحاً 12:44]ـ
بارك الله فيك أخي القضاعي.
ـ[المعتز بدينه]ــــــــ[03 - Nov-2008, صباحاً 01:00]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[القضاعي]ــــــــ[03 - Nov-2008, صباحاً 11:57]ـ
وفيكم الله بارك.
ـ[هاشم الجزائري]ــــــــ[03 - Nov-2008, مساء 10:02]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
هذا المتبع الذي تكلم عنه شيخ الإسلام هل يمكن له أن يفتي غيره بما ترجح عنده أم أنه يقتصر على نفسه؟
هل الاتباع منزلة واحدة أم أن مقصود العلماء بالمتبع من خرج من التقليد ولم يبلغ درجة الاجتهاد؟
هذا غامض جدا فإن مرتبة التقليد واضحة ومرتبة الاجتهاد واضحة وما بينهما يعسر ضبطه؟
كيف يرجح قولا دون أن يجتهد؟ إما أن يعمل عقله وهذا اتباع للهوى وإما أن يعمل ما معه من آلة اجتهاد وهذا هو الاجتهاد؟
ـ[القضاعي]ــــــــ[04 - Nov-2008, صباحاً 09:32]ـ
اجتهاد المتبع قائم على النظر في أقوال أهل العلم وأدلتهم , فإن رأى قول أرجح من قول بحسب نظره , فهذا وسعه والواجب عليه , وكل ذلك مع التجرد عن الهوى , فهذا قد خرج عن التقليد يقيناً لأنه اتبع الحجة.
وهنا فرضية وهي: قد يفعل أحدنا ما تقدم ويُدين الله بقول ترجح عنده , وقد يكون هذا القول مرجوحاً في حقيقة الأمر , فاعلم يقيناً بأنه لن يبقى على الخطأ ما دام متجرداً عن الهوى , فسيظهر له من الأدلة ما يتبين له بها غلطه , فحينئذ يرجع للقول الراجح وجوباً وإلا يكون آثماً.
وقد يبقى على القول المرجوح حتى يموت ولا يأثم , لعدم ظهور الحجة المانعة من البقاء على المرجوح باليقين الجازم , ولعل حكمة ذلك الفتنة لمن يقلده بغير حق , فيكون المقلد مأزور وصاحب القول المرجوح مأجور.
فإن الله لم يكلنا إلى الأهواء والإختلافات , فإن على الحق نور , والله اعلم
¥