[إلى كل صاحب هوى معاند - من كلام سماحة الشيخ العلامة: عبد الرحمن بن الجبرين]
ـ[وادي الذكريات]ــــــــ[07 - Nov-2008, مساء 10:08]ـ
لقد ذم الله تعالى في كتابه العزيز من يتبع الهوى وعابهم على ذلك الاتباع.
يقول الله تعالى
• وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ
• [محمد: 13، 14].
• فالقرية التي أخرجته هي مكة.
• * ويخبر -سبحانه وتعالى- بأن هناك قرى قد أهلكهم الله لما كذبوا، ويخبر بالسبب، وهو أنهم زين لهم سوء أعمالهم، واتبعوا أهواءهم؛ فأعمالهم السيئة هي: الكفر، والكذب والتكذيب بالرسل، ورد ما جاءوا به، وكل ذلك فيه اتباع للأهواء.
• وقد زين للبعض سوء عمله، واتبعوا أهواءهم، وقد أخبر الله -تعالى- بذم مثل هذا بقوله:
• أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ [فاطر: 8].
• * فالذين يتبعون الهوى، لا شك أنهم قد استحسنوا العمل السيئ، واتبعوه، واستقبحوا الصالحات وتركوها، فصار الحسن عندهم قبيحا، والقبيح عندهم حسنا؛ فكانوا لذلك هالكين.
• * ولا بد أن زينت لهم الأعمال السيئة، فرأوها حسنة، واتبعوا في ذلك أهواءهم.
• * وقد أخبر الله -تعالى- بأنهم لا يستوون مع غيرهم.
• يقول -تعالى- وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ [محمد: 16].
• * فذم الله الذين اتبعوا أهواءهم في هذه الآية؛ لأنهم لا يستفيدون مما يسمعون، ولا يتأثرون بموعظة، ولا يعون أو يعقلون ما يرشدون به.
• * وذكر -تعالى- أنهم يستمعون القرآن الذي هو غاية في الإعجاز والبلاغة والبيان، ولكن يُحال بينهم وبين فهمه وعقله؛ فكأنهم لا يسمعون أصلا، أو كأنهم قد حِيلَ بينهم وبين سماعه، فإذا خرجوا بعد سماعه يقولون لمن أوتي العلم: مَاذَا قَالَ آنِفًا [محمد: 16]. كأنهم ما سمعوا.
• * ما الذي حال بينهم وبين الفهم مع أن الكلام فصيح؟! ومع كونهم عربا ويفهمون ويعقلون؟
• * إن الذي حال بينهم وبين ذلك ما ذكره الله عنهم أنهم اتبعوا أهواءهم؛ لأن الله -تعالى- طبع على قلوبهم، وطمس على معرفتهم حيث اتبعوا أهواءهم، فلم يستفيدوا. فإذا رأيت الذين يهربون من مجالس الذكر فقل: إنهم اتبعوا أهواءهم.
• * وإذا رأيت الذي يستمعون ولكن لا يستفيدون، فقل: هؤلاء من الذين اتبعوا أهواءهم، بل من الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم؛ حيث طمست معرفتهم التي وهبت لهم، فكانوا بذلك مثل ما ذكر الله عن المنافقين: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ [البقرة: 18]. معلوم أن لهم أسماع، ولكن لا ينفعهم ما يسمعون، ولهم أبصار، ولكن لا ينفعهم ما يقرءون أو ينظرون، ولهم عقول، ولكن لا ينفعهم ما يتعقلون.
• * هؤلاء هم نصيب النار الذين أعدهم الله لها، كما ذكرهم في قوله -تعالى-
• وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف: 179].
• * فهذا وصف الذين اتبعوا أهواءهم، يستمعون ولا يفهمون، يقرءون ولا يعتبرون، يعقلون ولا يتأملون، لم تنفعهم قلوبهم، وكذلك أبصارهم وأسماعهم، لم يستفيدوا بها.
• * يقول بعض المتأخرين في وصف من اتبعوا الهوى: صمٌّ ولو سمعوا، بكم ولو نطقوا، عمي ولو نظروا ... !! عموا عن الحق، صُموا عن تدبره!
• ولكن ما الذي أعماهم؟! الهوى!
• ما الذي أصمّهم؟! الهوى!
• * ورد في بعض الآثار: الهوى يعمي ويصم؛ لما أنهم صار هواهم مخالفا لما جاء به الشرع .. أصم آذانهم، وأعمى أبصارهم، وأصبحوا كأنهم لا يستفيدون من حواسهم التي منحهم الله إياها.
¥