[هل صح الإجماع في تحريم الخروج على أئمة الجور؟.]
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[09 - Nov-2008, صباحاً 12:27]ـ
هذه مسألة أطرحها رجاء أن تفيدونا في حكمها الشرعي
هناك من ينقل الإجماع على تحريم الجور على أئمة الجور .. فهل هذا الإجماع صحيح .. وإن كان صحيح فمتى وقع هذا الإجماع؟.
وهذه بعض أقوال أهل العلم حيث رأوا أن دعوى الإجماع في المسألة لا تصح.
يقول العلامة ابن الوزير اليماني رحمه الله: (بيان أن من منع الخروج على الظلمة استثنى من ذلك من فحُش ظلمه وعظمت المفسدة بولايته، مثل يزيد بن معاوية، والحجاج بن يوسف، وأنه لم يقل أحد ممن يعتد به بإمامة من هذا حاله، وإن ظن ذلك من لم يبحث من ظواهر بعض إطلاقهم، فقد نصوا على بيان مرادهم، وخصوا عموم ألفاظهم، ويظهر ذلك بذكر ما أمكن من نصوصهم .. إلى أن قال: ومما يدل على ذلك أنه لما ادعى أبو عبد الله بن مجاهد الإجماع على تحريم الخروج على الظلمة، ردوا ذلك عليه وقبحوه، وكان ابن حزم على تعصبه لبني أمية ممن رد عليه، فكيف بغيره؟ واحتج عليه ابن حزم بخروج الحسين بن علي عليهما السلام على يزيد بن معاوية، وبخروج ابن الأشعث ومن معه من كبار التابعين على الحجاج، ذكره في كتاب " الإجماع " له، رواه عنه الرِّيمي في آخر كتاب " الإجماع " له في الترتيب الذي ألحقه به، فقال ابن حزم ما لفظه: ورأيت لبعض من نصب نفسه للإمامة والكلام في الذين، فصولاً ذكر فيها الإجماع، فأتى فيها بكلام لو سكت عنه، لكان أسلم له في أخراه، بل لعل الخرس كان أسلم له، وهو ابن مجاهد البصري المتكلم الطائي، لا المقرئ، فإنه ذكر فيما ادعى فيه الإجماع: أنهم أجمعوا على أنه لا يخرج على أئمة الجور، فاستعظمت ذلك، ولعمري إنه لعظيم أن يكون قد علم أن مخالف الإجماع كافر، فُيلقي هذا إلى الناس، وقد علم أن أفاضل الصحابة وبقية السلف يوم الحرة خرجوا على يزيد بن معاوية، وأن ابن الزبير ومن تابعه من خيار الناس خرجوا عليه، وأن الحسين بن علي ومن تابعه من خيار المسلمين خرجوا عليه أيضاً رضي الله عن الخارجين عليه، ولعن قتلتهم، وأن الحسن البصري وأكابر التابعين خرجوا على الحجاج بسيوفهم. أترى هؤلاء كفروا؟ بل والله من كفرهم، فهو أحق بالكفر منهم، ولعمري لوكان اختلافاً يخفى، لعذرناه، ولكنه مشهور يعرفه أكثر من في الأسواق، والمخدَّرات في خدورهن لاشتهاره، ولكن يحق على المرء أن يخطم كلامه ويزُمه إلا بعد تحقيق وميز، ويعلم أن الله تعالى بالمرصاد، وأن كلام المرء محسوب مكتوب مسؤول عنه يوم القيامة مُقلداً أجر من اتبعه عليه، أو وزره. انتهى بحروفه. وقرره الفقيه جمال الذين الريمي، ولم يعترضه.
فإذا كان هذا كلام من نصوا على أنه يتعصب لبني أمية في يزيد بن معاوية والخارجين عليه، فكيف بمن لم يُوصم بعصبية البتة، وليس يمكن أن يزيد الشيعي المحتد على مثل هذا.
وممن أنكر على ابن مجاهد دعوى الإجماع في هذه المسألة، القاضي العلامة عياض المالكي، قال: وردّ عليه بعضهم هذا بقيام الحسين بن علي رضي الله عنه، وابن الزبير، وأهل المدينة على بني أمية، وقيام جماعة عظيمة من التابعين، والصدر الأول على الحجاج مع ابن الأشعث.
وتأول هذا القائل قوله: " ألا ننازع الأمر أهله " على أئمة العدل.
قال عياض: وحجة الجمهور أن قيامهم على الحجاج ليس بمجرد الفسق، بل لما غيّر من الشرع، وأظهرمن الكفر. انتهى كلامه.
وفيه بيان اتفاقهم على تحسين ما فعله الحسين عليه السلام وأصحابه وابن الأشعث وأصحابه، وأن الجمهور قصروا جواز الخروج على من كان على مثل تلك الصفة، وأن منهم من جوز الخروج على كل ظالم، وتأول الحديث الذي فيه: " وألا ننازع الأمر أهله " على أئمة العدل.
وفيه أنهم اتفقوا على الإحتجاج بفعل الحسين عليه السلام، ولكن منهم من احتج على جواز الخروج على الظلمة مطلقاً، ومنهم من قصره على من فحُش ظلمه وغيّر الشرع، ولم يقل مسلم منهم ولا من غيرهم: إن يزيد مصيب والحسين باغ إلا ما ألقاه الشيطان على السيد، ولا طمع الشيطان بمثل هذه الجهالة أحداً قبل السيد.
والعجب أن السيد ادّعي على ابن بطال أنه نص على ما ادعاه، ثم أورد كلام ابن بطال وهو يشهد بتكذيب السيد، فإن ابن بطال روى عن الفقهاء أنهم اشترطوا في طاعة المتغلب إقامة الجهاد والجمعات والأعياد، وإنصاف المظلوم غالباً، ومع هذه الشروط، فما قال ابن بطال عن الفقهاء: إن طاعته واجبة، ولا إن الخروج علية حرام، بل قال عنهم: إنه متى كان كذلك، فطاعته خير من الخروج عليه، لما فيها من حقن الدماء وتسكين الدهماء.
واعلم أني لا أعلم لأحد من المسلمين كلاماً في تحسين قتل الحسين عليه السلام، ومن ادّعى ذلك على مسلم، لم يُصدق، ومن صحّ عنه، فليس من الإسلام في شيئ، وقد ذكر المنصور بالله نزاهة الفقهاء عن هذا في الدعوة العامة كما تقدم، ثم ذكر في بعض أجوبته على وَردسان، وقال فيه ما لفظه: وأما فقهاء الجُرُوب والمَزَاود، ولُقاطات الموائد، فلا يُعتد بهم، ثم روى أنه حدثه من يثق به عن عبد الرحمن بن محمد الخصك الذي كان بصنعاء أنه قال بنحو مما ذكره السيد، وهذا غير بعيد مما لا يُعرف بدين ولا علم، فقد كان مع يزيد جيوش كثيرة كلهم على رأيه، وكذلك جميع الشياطين على كثرتهم يحسنون الفجور والكذب، وإنما الكلام في نسبة ذلك إلى فقهاء الإسلام وثقات الحفاظ) إهـ العواصم من القواصم من الذب عن سنة أبي القاسم. (8/ 78).
نريد من الأخوة الكرام أن يفيدونا في المسالة.
وجزاكم الله خيراً.
¥