للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما يلي نصوص علماء اللغة:١ - قال الراغب الأصفهاني (٥٠٢هـ): "وإله" جعلوه اسماً لكل معبود لهم" (١).٢ - وقال ابن منظور الأفريقي المصري (٧١١هـ) "الإله "الله" عز وجل وكل ما اتخذ من دون الله معبوداً "إله" عند متخذه، والجمع "آلهة" ... " (٢).٣ - وقال المجد الفيروز آبادي (٨١٧هـ) " ... إله" كفعال، بمعنى: مألوه، وكل ما اتخذ معبوداً "إله" عند متخذه" (٣).

٤ - وقال محمد المرتضى الزبيدي الحنفي (١٢٠٥هـ) " ... فإذا قيل: "الإله" أطلق على الله سبحانه، وعلى ما يعبد من الأصنام. وإذا قلت: "الله" لم ينطلق إلا عليه سبحانه وتعالى ... " (٤).

لغة القرآن واصطلاحه، وما حكاه عن العرب:

معنى "الألوهية" و"الإله" في لغة القرآن واصطلاحه وما حكى الله سبحانه وتعالى عن مشركي العرب -

لم يختلف عن معناهما الذي ذكرناه، عن معاجم اللغة.

فالإله، يطلق على كل معبود حقاً كان أو باطلاً.

فالله سبحانه وتعالى سمى معبودات المشركين "آلهة" وأبطل كونها آلهة حقاً.

قال تعالى: وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا [الفرقان: ٣]

وهكذا كان مشركوا العرب يسمون معبوداتهم "آلهة".

مع اعتقادهم أنها ليست خالقة لهذا الكون ولا مالكة؛

كما حكى الله عنهم: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [ص:٥]

وقال عنهم: إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا [الفرقان: ٤٢]

وقال سبحانه وتعالى: وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ [الصافات:٣٦]

فأنت ترى في هذه الآيات أن المشركين سموا معبوداتهم "آلهة".

مع أن المشركين لم يعتقدوا فيها أنها خالقةٌ لهذا الكون وأربابٌ للعالم.

وهذا ما سنتحدث عنه في المؤاخذة الآتية.

فنثبت أن تفسير "الألوهية" و"الإله" "بالربوبية" والمالكية والصانع تحريف وتعطيل وإبطال وضلال وإضلال.

المؤاخذة الثالثة: لقد بينا أن مشركي العرب سموا معبوداتهم "آلهة" ولكنهم مع ذلك لا يعتقدون فيها أنها خالقةٌ للكون أو شريكةٌ مع الله تعالى في الخلق والربوبية والتدبير أو مالكة بل يعتقدون أنها مملوكة.

وذلك لوجوه:

الوجه الأول: اعتراف المشركين بأن آلهتهم من دون الله ليست خالقة لهذا الكون ولا مدبرة ولا رازقة ولا مالكة.

قال الله تعالى: قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ [يونس: ٣١]

الوجه الثاني: أن المشركين إذا أصابهم ضرُّ عظيم وخطب جسيم تركوا دعاء آلهتهم من دون الله وتضرعوا إلى الله تعالى وحده؛ لعلمهم أنها لا تنفع ولا تنجي.

قال الله تعالى: وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ [الإسراء:٦٧]

وقال سبحانه وتعالى: وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ... [لقمان: ٣٢]

قلت: لو تدبر القارئ في هاتين الآيتين وأمثالهما لبان له أن المشركين لم يعتقدوا في آلهتهم أنها خالقة، رازقة، مدبرة لهذا الكون ومالكه.

فكيف تفسير "الألوهية" بالربوبية؟ و"المالكية"؟.

وكيف يصح جعل "الإله" بمعنى الخالق الصانع المالك؟.


(١) ((المفردات)) (ص ٢١).
(٢) انظر ((فيض الباري)) (٤/ ٥١٧).
(٣) ((القاموس)) (ص ١٦٠٣).
(٤) ((تاج العروس)) (٩/ ٣٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>