للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الرابع: الكرامية]

ظهور هذه الفرقة كان في النصف الأول من القرن الثالث الهجري، وأشهر رجاله هم:

١ - ابن كرام. إليه تنسب هذه الفرقة، وهو أبو عبدالله محمد بن كرام بن عراق السجستاني، المشهور بابن كرام، والمتوفى في القدس سنة ٢٥٥هـ (١).ذكر له جملة من المصنفات، منها: عذاب القبر، والتوحيد، ولكن لم يصل منها شيء (٢).يقول عنه الذهبي: "المبتدع، شيخ الكرامية، كان زاهدا، عابدا، ربانيا، بعيد الصيت، كثير الأصحاب، ولكن يروي الواهيات" (٣).وقد عده شيخ الإسلام من أئمة النظار المنتسبين إلى أهل السنة والجماعة (٤).

لكنه بين أنه من انتسابه لأهل السنة، ورده على المخالفين لهم، إلا أنه ينتسب إلى أهل الرأي، وموافق للمخالفين في أصولهم، وتكلم في جملة من المسائل الكبار بما أنكر عليه.

يقول شيخ الإسلام: "وقام أيضا أبو عبدالله محمد بن كرام بسجستان ونواحيها ينصر مذهب أهل السنة والجماعة، والمثبتة للصفات والقدر وحب الصحابة وغير ذلك، ويرد على الجهمية والمعتزلة والرافضة وغيرهم، ويوافقهم على أصول مقالاتهم التي بها قالوا ما قالوا، ويخالفهم في لوازمها، كما خالفهم ابن كلاب والأشعري، لكن هؤلاء منتسبون إلى السنة والحديث، وابن كرام منتسب إلى مذهب أهل الرأي".ثم ذكر مخالفته للجماعة في جملة من مسائل الاعتقاد منها مسألة الإيمان وختم كلامه بأن موافقة ابن كرام لأهل السنة أعظم من موافقة المعتزلة والرافضة (٥).٢ - إسحاق بن محمشاد (٦).

أبو يعقوب إسحاق بن محمشاد أو ابن محمش النيسابوري، الهالك سنة ٣٨٣هـ. شيخ الكرامية في عصره، وإليه تنسب فرقة الإسحاقية من فرق الكرامية، وهو من الكذابين الذين يضعون الحديث على مذهب الكرامية، ومما وضعه - قبحه الله - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يجيء في آخر الزمان رجل يقال له: محمد بن كرام، يحي السنة والجماعة، هجرته من خراسان إلى بيت المقدس، كهجرتي من مكة إلى المدينة (٧).ومن صفاقته أنه ألف كتابا سماه: فضائل ابن كرام، ملأه مدحا في شيخه على هذا المنوال من الكذب والدجل، قال الذهبي رحمه الله: "فانظر إلى المادح والممدوح! " (٨).٣ - محمد بن الهيصم (٩):

أبو عبدالله محمد بن الهيصم، عاش في القرن الخامس الهجري، أي في العصر الذهبي للكرامية، ولا تعلم سنة وفاته.

وإليه تنسب فرقة الهيصمية من فرق الكرامية، وقد كان له دور بارز في تقريب مذهب الكرامية بين المذاهب، وتخفيف التشنيع عليه.


(١) انظر أخباره في: ((سير أعلام النبلاء)) (١١/ ٥٢٣ - ٥٢٤)؛ و ((ميزان الاعتدال)) (٤/ ٢١)؛ و ((البداية والنهاية)) (١٤/ ٥١٥ - ٥١٧)؛ و ((الوافي بالوفيات)) (٤/ ٣٧٥)؛ و ((التجسيم عند المسلمين)) (ص٤٥ - ٦٦).
(٢) انظر: ((التجسيم عند المسلمين))، (ص٦٢ - ٦٣).
(٣) ((سير أعلام النبلاء)) (١١/ ٥٢٣).
(٤) انظر: ((الرد على المنطقيين))، (ص٦٥)؛ و ((الصفدية)) (١/ ٣٦).
(٥) ((شرح الأصبهانية)) (٢/ ٣٢٨)؛ وانظر: ((التدمرية))، (ص١٩٣)، وقوله في الإيمان سيأتي مفصلا بعون الله في مبحث مستقل.
(٦) انظر عنه: ((ميزان الاعتدال)) (١/ ٢٠٠)، و ((شذرات الذهب)) (٣/ ١٠٤)؛ و ((التجسيم عند المسلمين))، (ص٧٦ - ٧٨).
(٧) انظر: ((ميزان الاعتدال)) ((١/ ٢٠٠))، و ((الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة))، للشوكاني، تحقيق المعلمي، الطبعة الثالثة ١٤٠٧هـ، المكتب الإسلامي ببيروت، (ص٣٦٢) (رقم ١٢٣٠).
(٨) ((ميزان الاعتدال)) (١/ ٢٠٠).
(٩) انظر عنه: ((البداية والنهاية)) (١٥/ ٦٣٤، ١٦/ ٦٨٨)؛ و ((نهاية الأقدام في علم الكلام))، للشهرستاني، تحقيق الفرد جيم، مكتبة الثقافة الدينية بمصر، (ص١٠٥)، و ((التجسيم عند المسلمين))، (ص٨٧ - ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>