للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأولوا الآيات الدالة على إثبات صفة الكلام كقوله تعالى: وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء: ١٦٤] بأن لفظ الجلالة منصوب على أنه مفعول ورفع موسى على أنه فاعل وبهذا أبطلوا صفة الكلام لله سبحانه وتعالى وحاول بعضهم أن يبقي القراءة المشهورة كما هي برفع لفظ الجلالة على أنه فاعل مع تأويل المعنى بحيث لا يثبت صفة الكلام فقال أن كلم من الكلم بمعنى الجرح فالمعنى وجرح الله موسى بأظفار المحن ومخالب الفتن وقد عاب هذا التأويل الزمخشري وقال عنه أنه من بدع التفاسير وأولها بالقول الأول. فأن سلمت جدلا بنصب لفظ الجلالة في هذه الآية وسألت عن المراد في قوله تعالى وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ [الأعراف: ١٤٣] قالوا: "وكلمه ربه" من غير واسطة كما يكلم الملك وتكليمه أن يخلق الكلام منطوقا به في بعض الأجرام كما خلقه مخطوطا في اللوح وروي أن موسى عليه السلام كان يسمع ذلك الكلام من كل جهة" (١).وأولوا كثيرا من الصفات تأويلا باطلا لمخالفته أصولهم فمن ذلك أيضا تأويلهم استوى في قوله تعالى الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: ٥] بأن استواء الله على العرش كناية عن الملك واستدلوا بقولهم استوى فلان على العرش يريدون ملك وإن لم يقعد على السرير البتة وأولوا قوله تعالى يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الفتح: ١٠] بأنه تخييل لمعنى أن عقد الميثاق مع الرسول كعقده مع الله والله تعالى منزه عن الجوارح وعن صفات الأجسام ومعنى قوله تعالى كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص: ٨٨] أي كل شيء هالك إلا هو (٢).


(١) ((تفسير الكشاف)) للزمخشري (٢/ ١١١ - ١١٢).
(٢) ((أمالي الشريف المرتضى)) القسم الأول (ص٥٩٢) المجلس ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>