للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب السادس: أدلة الإباضية على تكفير المذنبين كفر نعمة والرد عليها أما أدلة الإباضية على تكفيرهم المذنبين من أهل القبلة كفر نعمة فقد قال ابن حزم: "قال أبو محمد: وما نعلم لمن قال: هو منافق- حجة أصلا. ولا لمن قال إنه كافر نعمة، إلا أنهم نزعوا بقول الله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ [إبراهيم:٢٨ - ٢٩]، قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه لأن كفر النعمة عمل يقع من المؤمن والكافر" (١).

والواقع أن الربيع بن حبيب الإباضي أورد في مسنده أحاديث كثيرة يستدل لها على صحة مذهب الإباضية، وكثير منها قد استدل به غيرهم من الخوارج على تكفير العصاة كفر ملة، فقد أورد المؤلف تحت قوله: "باب الحجة على من قال إن أهل الكبائر ليسوا بكافرين" عدة أحاديث تحت هذه الترجمة لم يذكر أسانيد الكثير منها، نذكر منها ما يأتي:١ - قال صلى الله عليه وسلم ((إذا قال رجل لرجل: أنت عدوي فقد كفر أحدهما)) (٢).٢ - قال صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه: ((لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض)) (٣).٣ - وكان ابن مسعود يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الرشوة في الحكم كفر)) (٤).٤ - وقال صلى الله عليه وسلم: ((إذا زنا الزاني سلب الإسلام، فإذا تاب ألبسه)). (٥) ثم قال المؤلف: "فهذه الأحاديث كلها تثبت الكفر لأهل القبلة وهي أكثر من أن تحصى" (٦).٥ - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا إيمان لمن لا صلاة له)) (٧).٦ - عن النبي عليه السلام قال: ((ليس بين العبد والكفر إلا ترك الصلاة)) (٨)،

وبغض النظر عن مدى صحة هذه الأحاديث أو بعضها فإن الوصف بالكفر الوارد في هذه الأحاديث وغيرها قد حمله الإباضية على كفر النعمة لا كفر الملة.

وفيما يتعلق بأدلة الخوارج – أي الإباضية – على مذهبهم من القرآن الكريم؛ فقد ذكر علي يحيى معمر منها قوله تعالى: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران: ٩٧]، وقوله تعالى: لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ [النمل:٤٠]، وقوله تعالى: وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:٤٤].وقد أول كل ما ورد في هذه النصوص من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم على أنها واردة في كفر النعمة ولهذا يقول: "يحسب كثير ممن لا علم له أن الإباضية يتفقون مع الخوارج في تكفير العصاة كفر شرك، ولا يعرفون أن الإباضية يطلقون كلمة الكفر على عصاة الموحدين الذين ينتهكون حرمات الله ويقصدون بذلك كفر النعمة" (٩).

المصدر:الخوارج تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها لغالب عواجي– ص٣٨٤


(١) ((الفصل)) (٣/ ٢٣١).
(٢) رواه الخلال في ((السنة)) (٤/ ٦٠)، وابن بطة في ((الإبانة)) (٣/ ٢٢).
(٣) رواه البخاري (١٢١)، ومسلم (٦٥). من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه.
(٤) رواه الطبراني (٩/ ٢٢٦). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٤/ ٢٠٢): رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح. وقال السخاوي في ((المقاصد الحسنة)) (٣٩٤): إسناده صحيح. وقال الألباني في ((صحيح الترغيب والترهيب)) (٢٢١٣): رواه الطبراني موقوفا بإسناد صحيح.
(٥) لم نجده بهذا اللفظ.
(٦) انظر: ((مسند الربيع بن حبيب)) (٣/ ٢ - ٦).
(٧) رواه الطبراني (٦/ ٤٤). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ٢٣٩): رواه الطبراني ورجاله ثقات. وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (٤/ ٤١٣): وهذا إسناد حسن، ورجاله كلهم ثقات.
(٨) رواه مسلم (٨٢). من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٩) ((الإباضية في موكب التاريخ)) (١/ ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>