للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خامسا: زعمهم أنهم جماعة آخر الزمان]

كما ادعى الخوارج من قبل أنهم "الجماعة المسلمة" وحكموا على من عداهم بالكفر، فقد فعل بالمثل جماعة التكفير والهجرة، إذ زعموا أنهم جماعة المسلمين وأن زعيمهم هو المهدي المنتظر، وعلى يديه سيتم انتصار الإسلام وظهوره على سائر الأديان.

ومما احتجوا به على أنهم جماعة آخر الزمان ما يلي: أن الرسالات الإلهية لا تأتي إلا بعد فساد الأرض، وكذلك جماعة الحق لا تظهر إلا بعد أن يعم الفساد كما هو حاصل الآن "كان موعد نزول رسول الله بعد ما فسد أهل الأرض عربهم وعجمهم كما هو النص الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن الفساد ملأ الأرض وهذه سنة ثابتة، إن الله ينزل القطر من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وأنه ينزل نصره على رسله إذا استيأسوا، وسنة الله كذلك أن لا يأذن لجماعة الحق أن تقوى إلا عندما يظهر الفساد ويزداد، وكل ما في الأرض ممقوتون بعصيانهم لله ورسوله وهذا ميقات الجماعة الإسلامية لإقامة دولة الإسلام" وقد ربطوا ظهور جماعتهم بظهور الدجال ونزول عيسى بن مريم، وزعموا أن ظهور الدجال ونزول عيسى قد أوشك، واستشهدوا لذلك بسيطرة اليهود على الأرض، وتمكنهم من رقاب النصارى والمشركين" (١).

ودعوى جماعة التكفير والهجرة أنهم جماعة آخر الزمان دعوى باطلة لا سند لها ولا أساس من الشرع والدين، وقد كانت أحداث التاريخ وما آل إليه مصير الجماعة دعواهم هذه إذ انتهى أمر الجماعة قبل أن يظهر أمرهم أو يدركوا شيئا مما زعموا. واستشهدوا ببعض الآيات القرآنية التي زعموا أنها تشير إليهم وقالوا "أنهم جماعة الحق في آخر الزمان الذين تشملهم آية وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ [الجمعة: ٣]. وآية فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة: ٥٤] ورأوا أيضاً أن قول الله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا [الفتح: ٢٨]. ينطبق على جماعتهم "جماعة آخر الزمان" وزعموا أن محمداً صلى الله عليه وسلم توفاه الله دون أن يظهر الإسلام على جميع الأديان وهذا يعني أن جماعتهم هي وحدها التي سوف يحقق الله على يدها معاني هذه الآية الكريمة. وقالوا "فقد كلفهم الله – أي جماعة آخر الزمان – سبحانه وتعالى من الناحية التي يعلمها ويريدها بما لم يكلف به صحابة النبي صلى الله عليه وسلم حيث سوف يتم على يد جماعة آخر الزمان ظهور الإسلام على كافة الأديان والملل ويعبد الله لا يشرك به شيئاً، ولا يبقى بيت من وبر أو مدر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، ويتم الله قدرته ونعمته على عباده وينتصر هو ورسله وحزبه على العالمين ويمكن لهم في الأرض كما وعد بذلك" (٢).

المصدر:دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين - الخوارج والشيعة – أحمد محمد أحمد جلي/ ص ١٢٢


(١) ((رسالة التوسمات، كيف تعمل الجماعة الإسلامية اليوم))، نقلاً عن ((الحكم بغير ما أنزل الله)) (ص: ٢١٥).
(٢) ((الحجيات))، نقلاً عن ((الحكم بغير ما أنزل الله)) (ص: ٢١٥ - ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>