للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الرابع: عقيدة ابن سبأ وضلالاته]

بعد أن ذكرنا طائفةً من كتب الشيعةِ الموثّقة والمعتمدة عندهم، نذكر أهم الأمور التي اعتقدها ابن سبأ وحمل أتباعه على الاعتقاد بها والدعوة إليها، وهكذا تسربتْ هذه الأفكارُ الضالةُ إلى فرق الشيعة؛ والسبب في استدلالنا في بيان معتقدِ هذا اليهودي من كتبهم ومن رواياتهم عن المعصومين عندهم: لأنهم يقولون: "إن الاعتقاد بعصمةِ الأئمة جعل الأحاديث التي تصدر عنهم صحيحةٌ دون أن يشترطوا إيصال سندها إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما هو الحال عند أهل السنة (١).ويقولون أيضاً: (ولما كان الإمام معصوماً عند الإمامية فلا مجال للشك فيما يقول) (٢).ويقول المامقاني: إن أحاديثنا كلها قطعية الصدور عن المعصوم (٣).

وكتاب الماماقاني من أهم كتب الجرح والتعديل عندهم.

بعد هذه الأقوال التي تُلزم القوم بقبول الأخبار المروية في مصنفاتهم، نذكر أهم الضلالات التي نادى بها ابن سبأ وهي:

١ - القول بالوصية: وهو أول من قال بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي، وأنه خليفته على أمته من بعده بالنص.

٢ - أول من أظهر البراءة من أعداء علي رضي الله عنه –بزعمه- وكاشفَ مخالفيه وحكم بكفرهم.

والدليل على مقالته هذه ليس من تاريخ الطبري، ولا من طرق سيف بن عمر، بل ما رواه النوبختي والكشيّ والماماقاني والتستري، وغيرهم من مؤرخي الشيعة. يقول النوبختي:"وحكى جماعةٌ من أهل العلم من أصحاب علي عليه السلام أن عبد الله بن سبأ كان يهودياً فأسلم ووالى علياً عليه السلام، وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصّي بعد موسى على نبينا وآله وعليهما السلام بالغلو. فقال في إسلامه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام بمثل ذلك وهو أول من شهر القول بفرض إمامة علي عليه السلام وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه – يقول النوبختي- فمن هنا قال من خالف الشيعة إن أصل الرفض مأخوذ من اليهود" (٤) وفي هذا المقام نشير إلى أن فكرة الوصية التي اعتمد عليها ابن سبأ ذُكرتْ في التوراة في أصحاح (١٨) من سفر (تثنية الاشتراع) وفيه أنه لم يخلُ الزمان أبداً من نبي يخلفُ موسى ومن نوعه ولكل نبي خليفته إلى جانبه يعيشُ أثناء حياته. ويقول النوبختي عند ذكره السبئية: أصحاب عبد الله بن سبأ وكان ممن أظهر الطعنَ على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم، وقال إن علياً عليه السلام أمره بذلك (٥).

٢ - كان أول من قال بألوهية وربوبية علي رضي الله عنه.

٣ - كان أول من ادعى النبوة من فِرق الشيعة الغُلاة.


(١) انظر: ((تاريخ الإمامية))، (ص ١٥٨).
(٢) ((تاريخ الإمامية))، (ص ١٤٠).
(٣) انظر: ((تنقيح المقال)) (١/ ١٧٧).
(٤) انظر: ((فرق الشيعة)) للنوبختي، (ص ٤٤) و ((رجال الكشي)) (١٠١) مؤسسة الأعلمي بكربلاء، و ((تنقيح المقال في أحوال الرجال)) للمامقاني، ط/ المرتضوية في النجف ١٣٥٠هـ، , ((قاموس الرجال)) (٥/ ٤٦٢).
(٥) انظر: ((فرق الشيعة))، (ص ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>