للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب السادس: موقفهم من الإمامة]

حصر الإمامة في أبناء البطنين: وكما اهتم الإمام الهادي بنشر مذهبه، الذي أخذ في الظهور في عهده في بعض مخاليف نجد اليمن، الذي خضع لنفوذه، فقد اهتم أيضاً هو مَنْ خلفه من الأئمة في اليمن بأمر الإمامة، وحصرها في أبناء البطنين: الحسن والحسين، حتى جعلها أصحاب هذا المذهب أصلاً من أصول الدين الخمسة المتضمنة لعقائدهم، وهي الأصول الخمسة المعروفة عند المعتزلة، إلا أن الزيدية استبدلوا الإمامة بالمنزلة بين المنزلتين المشهورة عند المعتزلة. كما خص الهادوية شروطها بفصلٍ خاص من كتاب السير، وهو آخر أبواب كتب الفقه عندهم، وهي أن يكون الإمام: ذكراً، حراً، علوياً، فاطمياً، سليم الحواس والأطراف، مجتهداً، عدلاً، سخياً، يضع الحقوق في مواضعها، مدبراً، أكثر رأيه الإصابة، مقداماً حيث يجوز السلامة، لم يتقدمه مجاب، وطريقها الدعوة، لا التوريث، ولا يصح إمامان (١).وقد أوجز الإمام يحيى بن حمزة المتوفى سنة (٧٤٩هـ) هذه الشروط في قوله: "أن يكون عالماً بأصول الشريعة، ومتمكناً من الفتوى في أحكام الشرع، أن يكون ذا رأي وسياسة للحرب والسلم، أن يكون شجاعاً مجتمع القلب، لا يضعف عند لقاء عدوه، أن يكون له ورع يحجزه عن الوقوع في المحرمات، ويمنعه عن الإخلال بشيء من الواجبات" (٢).


(١) ((متن الأزهار))، ((كتاب السير)). وهذا من الناحية النظرية، وأما الناحية العملية، فإنه قد ظهر أكثر من إمام في وقت واحد، وفي صقع واحد. ولكنه لا يدوم الأمر لهم جمعياً، إذ يتغلب أقواهم، وينتهي مصير الآخر إما إلى السجن، وهذا في أفضل الحالات، وإما إلى فرارهم إلى مناطق نائية لا تطول إليهم يد الإمام المتغلب وفي الغالب تنتهي حياة المهزوم إلى الموت قتلاً.
(٢) ((المعالم الدينية)) (ص ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>