للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: المصنفات الشيعية]

(أ) وقعة صفين: وهو أحد كتب نصر بن مزاحم المنقري الكوفي المتوفي سنة ٢١٢هـ، وله كتب أخرى أمثال: (الغارات) كتاب (الجمل) (مقتل حجر ابن عدي)، (مقتل الحسين بن علي (١).

ونصر بن مزاحم هذا من أعلام الشيعة الغالين، قال فيه العقيلي: كان يذهب إلى التشيع وفي حديثه اضطراب وخطأ كثير، ثم ساق له نموذجا يمثل انحرافه في المرويات في تفسير قوله تعالى: وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [الزمر: ٣٣].

قال نصر: الذي جاء بالصدق محمد، والذي صدق به علي، ثم علق العقيلي على ذلك بقوله: وهذا لا يتابع عليه (٢).

كما ترجم له الخطيب في تاريخه، ونقل طرفا من أقوال العلماء فيه، فعن الجوزجاني قوله: كان نصر زائغاً عن الحق مائلاً، ثم علق الخطيب بقوله: أراد بذلك غلوه في الرفض، كما أنه نقل عن صالح بن محمد قوله: نصر بن مزاحم روى عن الضعفاء أحاديث مناكير، وعن الحافظ أبي الفتح محمد بن الحسين قوله: نصر بن مزاحم غال في مذهبه (٣) ,

وقال عنه الذهبي: رافضي جلد تركوه، ثم نقل عن أبي خيثمة: كان كذّاباً.

وعن أبي حاتم: واهي الحديث متروك، وقال الدارقطني: ضعيف (٤).

كما ذكره ابن عدي في الضعفاء وساق عدداً من أحاديث رواها، ثم علق ابن عدي بقوله: " وهذه الأحاديث لنصر بن مزاحم مع غيرها مما لم أذكرها عمن رواها عامتها غير محفوظة " (٥).

نماذج من وقعة صفّين:

ومن مروياته أسوق النماذج التالية:

نقل أو اختلق صاحب (وقعة صفين) خطبة علي حين عزم على الخروج إلى صفين، وكان مما جاء فيها:" سيروا إلى أعداء السنن والقرآن، سيروا إلى بقية الأحزاب، قتلة المهاجرين والأنصار .. " (٦).

وفي خطبة أخرى لا تقل سوءا عن سابقتها ينسب نصر بن مزاحم إلى علي أن سبب امتناع معاوية عن البيعة إنما كان ثأراً لدماء في الجاهلية إذ يقول: " ثم التفت – يعني علياً – إلى الناس فقال: فكيف يبايع معاوية علياً وقد قتل أخاه حنظلة، وخاله الوليد، وجدّه عتبة في موقف واحد، والله ما أظن أن يفعلوا، ولن يستقيموا لكم دون أن نقصد فيه المرّان، وتقطع على هامتهم السيوف وتشرحوا حواجبهم بعمد الحديد، وتكون أمور جمة بين الفريقين (٧).

وحاشا علياً أن يقول مثل ذلك، وقاتل الله داء النزعة المذهبية وتلك آثارها.

وفي رواية ثالثة يصوّر – صاحب (وقعة صفين) – معاوية رجلا محتالاً يبحث عن رجال يتحدثوا له في مسبّة علي ويقول: " لما قدم عبيد الله بن عمر بن الخطاب على معاوية بالشام أرسل معاوية إلى عمرو بن العاص فقال: إن الله قد أحيا لك " عمر " بالشام بقدوم " عبيد الله " وقد رأيت أن أقيمه خطيبا فيشهد على علي بقتل عثمان وينال منه، فقال: الرأي ما رأيت، فبعث إلى عبيد الله فأتاه فقال له معاوية: يا ابن أخي إن لك اسم أبيك فانظر بملء عينيك وتكلم بكل فيك فاصعد المنبر واشتم علياً واشهد عليه أنه قتل عثمان ".

فاقتنع بذلك، ولكنه حينما صعد المنبر وبدا له غير ذلك، وأحجم عن الحديث عن علي هجره معاوية واستخف بحقه وفسقه!! (٨).

ولنصر في وقعة صفين مرويات غير هذه، وهي تخرج من مشكاته.


(١) [٩٧٥٤] انظر: محمد السلمي: ((منهج كتابة التاريخ الإسلامي)) (ص ٤٨٩).
(٢) [٩٧٥٥] ((الضعفاء الكبير)) (٤/ ٣٠٠).
(٣) [٩٧٥٦] ((تاريخ بغداد)) (١٣/ ٢٨٣).
(٤) [٩٧٥٧] ((الميزان)) (٤/ ٢٣٥، ٢٥٤).
(٥) [٩٧٥٨] ((الكامل في ضعفاء الرجال)) (٧/ ٢٥٠٢).
(٦) [٩٧٥٩] نصر بن مزاحم: ((وقعة صفين)) (ص ٩٤).
(٧) [٩٧٦٠] ((وقعة صفين)) (ص ١٠٢).
(٨) [٩٧٦١] ((وقعة صفين)) (ص٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>