للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث السابع: الكتب الأربعة]

للجعفرية الاثني عشرية كتب كثيرة تروي عن الرسول -صلى الله عليه وسلم وكذلك عن أئمتهم، ولكن الذي يعنينا هنا الكتب المعتمدة لديهم، فغير المعتد ليس بحجة لهم أو عليهم.

وهذه الكتب المعتمدة أربعة:

أولها (الكافي) لأبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني، الملقب بحجة الإسلام وثقته، المتوفي سنة ٣٢٩هـ.

والثاني (من لا يحضره الفقيه) لمحمد بن بابويه القمي، الملقب بالصدوق، المتوفي سنة ٣٨١ هـ.

والآخران هما (التهذيب) و (الاستبصار)، وكلاهما لمحمد بن الحسن الطوسي شيخ الطائفة، المتوفي سنة ٤٦٠ هـ.

والكافي له المقام الأعلى عند الجعفرية، يقول عبدالحسين المظفر في مقدمته لأصول الكافي: " ولما كان البحث يدور حول كتابنا هذا، فقد عرفت ما سجله على صفحاته مؤلفه من الأحاديث التي يبلغ عددها زهاء سبعة عشر ألف حديث، وهي أول موسوعة إسلامية استطاع مؤلفها أن يرسم بين دفتيها مثل هذا العدد من الأحاديث، وقد كلفته هذه المجموعة أن يضحي من عمره عشرين سنة قضاها في رحلاته متنقلا من بلدة إلى أخرى، لا يبلغه عن أحد مؤلف، أو يروي حديثا، إلا وشد الرحال إليه، ومهما كلفه الأمر فلا يبرح حتى يجتمع به، ويأخذ عنه، ولذلك تمكن من جمع الأحاديث الصحيحة. وهذه الأحاديث التي جاءت في (الكافي) جميعها ذهب المؤلف إلى صحتها، ولذلك عبر عنها بالصحيحة ". ويقول: "ويعتقد بعض العلماء أنه عرض على القائم رضي الله عنه (يعنى الإمام الثاني عشر) فاستحسنه وقال: كاف لشيعتنا " (١)." وقد اتفق أهل الإمامة، وجمهور الشيعة على تفضيل هذا الكتاب، والأخذ به والثقة بخبره، والاكتفاء بأحكامه. وهم مجمعون على الإقرار بارتفاع درجته وعلو قدره، على أنه القطب الذي عليه مدار روايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان إلى اليوم، وعندهم أجل وأفضل من جميع أصول الأحاديث " (٢)

فلا خلاف إذن بين الجعفرية حول مكانة الكافي، ولكنا ذكرنا من قبل أن مراتب الحديث المعروفة عند متأخري الجعفرية ظهرت على يد علامتهم الحلي، أي بعد الكليني بقرابة أربعة قرون، والكليني يذهب إلى أن كل ما جمعه في الكافي صحيح، فماذا يعنى بالصحيح هنا؟ يوضح هذا أحد كتابهم فيقول: "إن الصحيح عند المتقدمين هو الذي يصح العمل به والاعتماد عليه، ولو لم يكن من حيث سنده مستوفياً للشروط التي ذكرناها، والصحيح في عرف المتأخرين هو الجامع لتلك الشروط " (٣)


(١) (ص ١٩).
(٢) (ص ٢٠).
(٣) ((دراسات في الكافي للكليني والصحيح للبخاري)) لهاشم معروف الحسني (ص ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>