للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الرابع: من القائلون بالتحريف؟ قال مؤلف الكتاب السابق: " وقوع التغيير والنقصان فيه هو مذهب الشيخ الجليل علي بن إبراهيم القمي شيخ الكليني، في تفسيره صرح بذلك في أوله، وملأ كتابه من أخباره، مع التزامه في أوله بأن لا يذكر فيه إلا مشايخه وثقاته. ومذهب تلميذه ثقة الإسلام الكليني رحمه الله على ما نسبه إليه جماعة لنقله الأخبار الكثيرة الصريحة في هذا المعنى في كتاب (الحجة)، خصوصاً كتاب (النكت والنتف من التنزيل)، وفي (الروضة)، ومن غير تعرض لردها أو تأويلها (١).

واستظهر المحقق السيد محسن الكاظمي في (شرح الوافية) مذهبه من الباب الذي عقده فيه وسماه " باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة عليهم السلام "، فإن الظاهر من طريقته أنه إنما يعقد الباب لما يرتضيه. قلت: وهو كما ذكره، فإن مذاهب القدماء تعلم غالباً من عناوين أبوابهم، وبه صرح أيضاً العلامة المجلسي في مرآة العقول. وبهذا يعلم مذهب الثقة الجليل محمد بن الحسن الصفار في كتاب (البصائر) من الباب الذي له أيضاً فيه، وعنوانه هكذا " باب في الأئمة أن عندهم لجميع القرآن الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم "، وهو أصرح في الدلالة مما في الكافي، ومن باب " أن الأئمة محدثون ". وهذا المذهب صريح الثقة محمد بن إبراهيم النعماني، تلميذ الكليني صاحب كتاب (الغيبة) المشهور، في تفسيره الصغير الذي اقتصر فيه على ذكر الآيات وأقسامها، وهو بمنزلة الشرح لمقدمة (تفسير علي بن إبراهيم)، وصريح الثقة الجليل سعيد بن عبد الله القمي في كتاب (ناسخ القرآن ومنسوخه) كما في المجلد التاسع عشر من البحار، فإنه عقد فيه باباً ترجمته " باب التحريف في الآيات التي هي خلاف ما أنزل الله عزوجل مما رواه مشايخنا رحمة الله عليهم من العلماء من آل محمد " (٢).واستمر المؤلف في ذكر القائلين بالتحريف (٣) إلى أن قال: " ومن جميع ما ذكرناه ونقلناه بتتبعى القاصر، يمكن دعوى الشهرة العظيمة بين المتقدمين، وانحصار المخالف فيهم بأشخاص معينين يأتي ذكرهم. قال السيد المحدث الجزائري في الأنوار ما معناه أن الأصحاب قد أطبقوا على صحة الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاماً ومادة وإعراباً والتصديق بها " (٤). ثم قال: " ومن جميع ذلك ظهر فساد ما ذكره المحقق الكاظمي من انحصار القائل به في علي بن إبراهيم والكليني، أو مع المفيد وبعض متأخري المتأخرين " (٥).ثم اتهم الصحابة ـ خير أمة أخرجت للناس ـ بالكفر والعناد والجبروت والغباء، ليصل إلى أنهم ليسوا أهلاً لجمعه كما أنزل (٦).


(١) انظر دراستنا لكتاب ((الحجة)) من الجزء الأول لـ ((أصول الكافي))، وكذلك دراستنا لـ ((روضة الكافي))، في كتاب ((أثر الإمامة في الفقه الجعفري وأصوله)) (ص ٢٩٦: ٣٥٥)، وفي الجزء الثالث من هذه الموسوعة.
(٢) ((فصل الخطاب)) (ص ٢٥ ـ ٢٦).
(٣) وممن ذكرهم محمد بن مسعود العياشي صاحب أحد تفاسيرهم المشهورة، انظر (ص ٢٦).
(٤) ((فصل الخطاب)) (ص ٣٠).
(٥) ((فصل الخطاب)) (ص ٣١ ـ ٣٢).
(٦) انظر (ص ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>