للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: الفرق بينهما وبين الجمهور]

هذا ما ذكره الشيخ الطوسي، وهو يتفق مع جمهور المفسرين فيما عدا حديثه عن المشترك، حيث جعل للأئمة ما للنبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا ليس بمستغرب منه، لأنه يتفق مع عقيدته في الإمامة. ولم يجعل للصحابة الكرام دوراً في التفسير، وهم الذين تلقوه عن الرسول صلى الله عليه وسلم. والقرن الذي تلاه - أي القرن السادس الهجري - ظهر فيه إمام المفسرين عند الجعفرية أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي (١) الذي أخرج كتاباً في التفسير هو (مجمع البيان)، ثم ألف كتاباً آخر أصغر منه أسماه (جوامع الجامع)، وله كتاب ثالث (٢).

وقد سلك مسلك الشيخ الطوسي، وتأثر به إلى حد كبير، فهما يمثلان جانب الاعتدال النسبي عند مفسري الجعفرية في القديم كما أشرنا من قبل. ومع أنهما يمثلان شيئا من الاعتدال، إلاَّ أن تناولهما لكتاب الله تعالى لم يسلم من التأثر بعقيدتهما في الإمامة، وأهم مظاهر التأثر نراها فيما يأتي:

أولاً: اللجوء لتأويل بعض آيات الكتاب المجيد للاستدلال على عقيدة الإمامة:

فالذين ذهبوا إلى القول بتحريف القرآن المجيد لم يضطروا للاستدلال على عقيدتهم عن طريق التأويل ما دام هؤلاء الغلاة قد زعموا أن القرآن الكريم نص على الإمامة التي يعتقدونها، أما هما فقد وقفا طويلاً أمام بعض آيات الله تعالى: يؤولان ويجادلان لإثبات عقيدتهم، مثال هذا ما نقلناه عنهما في الجزء الأول، وذلك عند الحديث عن آية الولاية والتطهير وعصمة الأئمة.


(١) توفى سنة ٥٤٨ هـ.
(٢) قال صاحب ((الذريعة)) (٤/ ٣١٠): ((تفسير الكاف الشاف من كتاب الكشاف))، أو الوجيز، هو ثالث تفاسير الطبرسي. والكتاب المذكور وجدته في مكتبة لندن.

<<  <  ج: ص:  >  >>