للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثالث: بحار الأنوار وممن عاصر صاحبي الصافي والبرهان المولى محمد باقر المجلسي، المتوفي سنة (١١١١) هـ، وهو من أشهر علماء الجعفرية، وله مكانته عندهم. وللمجلسي موسوعته الكبرى (بحار الأنوار)، تحدث فيها عن أشياء كثيرة، يعنينا منها هنا ما يتصل بكتاب الله تعالى، وأثر الإمامة فيه والمجلسي لم يؤلف بحاره للتفسير، وإنما لخدمة المذهب الجعفري الاثني عشري، فالحديث عن القرآن الكريم جاء من هذا الباب. وقد جعل كتاباً للإمام تحته مئات الأبواب، ضمتها مجموعة من أجزاء البحار. ومن هذه الأبواب " أبواب الآيات النازلة فيهم ": أي في الأئمة كما يزعم، وهي تقع في أكثر من ستمائة صفحة في جزأين (١). ومنها كذلك " أبواب الآيات النازلة في شأنه الدالة على فضله وإمامته "، أي في شأن الإمام علي، وهي تقع فيما يقرب من أربعمائة وخمسين صفحة في جزأين كذلك (٢).

ويكفي أن نذكر عناوين بعض هذه الأبواب ليظهر مدى غلو هذا الضال، فمن أبوابه: باب أنهم - أي الأئمة - آيات الله وبيناته وكتابه (٣) وأن الأمانة في القرآن الإمامة (٤) وأنهم أنوار الله تعالى وتأويل آيات النور فيهم (٥) وتأويل المؤمنين والإيمان والمسلمين والإسلام بهم وبولايتهم ... والكفار والمشركين والكفر والشرك والجبت والطاغون واللات والعزى والأصنام بأعدائهم ومخالفيهم (٦) وأنهم خير أمة وخير أئمة أخرجت للناس (٧) وأنهم جنب الله ووجه الله ويد الله وأمثالها (٨) وأنه - أي الإمام علياً - المؤمن والإيمان والدين والإسلام والبينة والسلام وخير البرية في القرآن الكريم ... وأعداؤه " الكفر والفسوق والعصيان" (٩) وأنه أنزل فيه - صلوات الله عليه - الذكر والنور والهدى والتقى في القرآن (١٠) وأنه النبأ العظيم والآية الكبرى (١١).

والمجلسي ينقل عن التفاسير الثلاثة الضالة التي ظهرت في القرن الثالث الهجري، وعن غيرهما من كتب غلاة الشيعة، ولكنه لا يكتفي بالنقل، وإنما كثيراً ما يذكر رأيه سواء في هذه الأجزاء أو في غيرها من كتابه (البحار).

وإذا كان تأليف الأبواب على هذه الصورة يدل على فساد عقيدته التي تنزل به إلى درك الغلاة، فإن ذكر الآراء يكشف عن حقيقته بوضوح يمنع المماحكة وخلق الأعذار، وهاك بعض ما جاء في كتابه

نقل عن (الكافي) ثلاث روايات عن الإمام أبي جعفر قال: نزل جبريل بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وسلم: بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللهُ [البقرة:٩٠] في علي " بَغْيا"" وقال: نزل جبرائيل بهده الآية على محمد صلى الله عليه وسلم هكذا: وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا في علي فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ [البقرة:٢٣] وقال: نزل بهذه الآية هكذا: (يَا أَيُّهَآ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا (في علي) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا)

وبعد هذه الروايات قال المجلسي:


(١) الجزءان هما: (٢٣ من ص ١٦٧) إلى آخر الجزء (ص ٣٩٣)، و (ج ٢٤) كله وعدد صفحاته (٤٠٢).
(٢) (٣٥ من ص١٨٣) إلى آخر الجزء (ص ٤٣٦)، وج ٣٦ من أوله إلى ص ١٩٢.
(٣) باب (١١ ج ٢٣ ص ٢٠٦ - ٢١١).
(٤) باب (١٦ ج ٢٣ ص ٢٧٣ – ٢٨٣).
(٥) باب (١٨ ج ٣ ص ٢٠٤ - ٢٠٥).
(٦) باب ٢١ ج ٢٣ ص ٣٥٤ - ٣٩٠).
(٧) باب (٤٦ ج ٢٤ ص ١٥٣ - ١٥٨).
(٨) باب (٥٣ ج ٢٤ ص ١٩١ - ٢٠٣).
(٩) باب (١٣ ج ٣٥ ص ٣٣٦ - ٣٥٢).
(١٠) باب (٢٠ ج ٣٥ ص ٣٩٤ - ٤٠٧).
(١١) باب (٢٥ ج ٣٦ ص ١ - ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>